بقعة ضوءمجتمع

الصمت الذي يوجع أكثر من الخطف: أين رماح أيمن مسعود؟

السويداء – خاص أحوال ميديا

في بلدٍ اعتاد على أخبار الخطف والاختفاء القسري، لم يعد الغياب وحده هو ما يثير القلق، بل الصمت الذي يحيط به.

في 15 تموز 2025، اختُطف المتطوع الإنساني رماح أيمن مسعود من محافظة السويداء، بينما كان يؤدي مهامه كمسعف في منظمة الهلال الأحمر السوري. ومنذ تلك اللحظة، انقطعت أخباره تمامًا، ولم يصدر أي بيان رسمي من منظمته أو من الجهات الحقوقية الدولية التي يُفترض أن تضع سلامة المتطوعين في مقدمة أولوياتها.

رماح لم يكن ناشطًا سياسيًا، ولم يكن يحمل سلاحًا. كان يحمل حقيبة إسعاف، ويحاول إنقاذ والده المصاب خلال اشتباكات في المدينة، قبل أن يُختطف على يد عناصر يُعتقد أنها تابعة للأمن العام والميليشيات الموالية للحكومة. والده توفي لاحقًا، أما هو، فمصيره ما زال مجهولًا.

لكن ما يثير الاستغراب أكثر من الخطف نفسه، هو الصمت المريب من منظمة الهلال الأحمر، التي لم تصدر أي بيان تضامن أو مطالبة بالكشف عن مصيره، رغم أن رماح كان يرتدي زيها الرسمي، ويعمل تحت رايتها. حتى منظمة العفو الدولية، التي أصدرت بيانًا تطالب فيه بالكشف عن مصير الشاب حمزة العمارين، لم تذكر اسم رماح، وكأن حياته لا تستحق حتى سطرًا في بيان حقوقي.

 

هذا التجاهل يطرح أسئلة موجعة:

هل تحوّلت المنظمات الإنسانية إلى واجهات شكلية تعمل تحت إملاءات السلطة؟

هل بات المتطوعون مجرد أدوات ميدانية، تُنسى بمجرد اختفائهم؟

ما الرسالة التي تُوجّه إلى باقي المتطوعين وهم يرون زميلهم يُختطف بلا أي رد فعل رسمي؟

 

في السويداء، حيث تتداخل الولاءات والسلطات، وتغيب المحاسبة، يصبح الصمت شكلًا من أشكال التواطؤ. ويصبح السؤال عن مصير رماح مسعود ليس فقط مطلبًا إنسانيًا، بل اختبارًا أخلاقيًا لمنظمات تدّعي الحياد والإنسانية.

إن قضية رماح لم تعد مجرد قصة اختطاف، بل مرآة تعكس هشاشة الحماية التي يُفترض أن يتمتع بها العاملون في المجال الإنساني، وتكشف عن فجوة مؤلمة بين الشعارات والمواقف الفعلية.

رماح أيمن مسعود ليس رقمًا في سجل المفقودين. هو شاب تطوّع لإنقاذ الآخرين، ويستحق أن يُنقذ هو أيضًا.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى