منوعات

شراء الدولار عبر منصة صيرفة: لعبة حظّ قد تكون خاسرة

بيانان بسيطان أطلقهما حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الجمعة، كانا كافيان لكي يُخفّضا سعر صرف الدولار في السوق السوداء 10 آلاف ليرة لبنانية، واللافت أن الإنخفاض سُجّل قبل تنفيذ مضمون البيانين حتى، فكيف بدت الصورة مع بداية التطبيق؟

بعد أن أعلن سلامة أنه “على المصارف اللبنانية ابتداءً من يوم الإثنين المقبل وذلك لثلاثة أيام متتالية ان تبقي على فروعها وصناديقها مفتوحة يوميًا حتى الساعة السادسة مساءً لتبية طلبات المواطنين من شراء الدولارات على سعر صيرفة لمن سلم الليرات اللبنانية كما دفع معاشات الموظفين في القطاع العام بالدولار أيضًا على سعر صيرفة، لم ينتظر اللبنانيون كثيراً، فغزت أكياس النايلون باحات المصارف أمس منذ ساعات الصباح الأولى، أكياس مليئة بملايين الليرات التي يُريد أصحابها تحويلها الى دولار على أساس سعر صيرفة.

بحسب مصادر مصرفية متابعة فإن عملية التحويل لم تتمّ مباشرة، بل كان على اللبنانيين إيداع الأموال بالليرة بحسابهم في المصرف، ومن ثم قبض قيمتهم بالدولار غداً أو بعد غد، على أساس سعر صيرفة بتاريخ الإستلام، لا بتاريخ الإيداع. فماذا يعني ذلك؟
أودع الزبائن اموالهم بالليرة أمس لدى المصارف، وسعر صيرفة كان يُسجل 22700، ومن قبض رابته من الموظفين في الإدارات الرسمية والشركات الخاصة أمس، استلمه بالدولار على أساس هذا السعر، أي 22700، إنما من أودع أمواله أمس بالمصارف لتحويلها الى دولار فعليه انتظار سعر صيرفة بتاريخ قبضه الدولارات، حيث من المتوقع أن يكون السعر اليوم 24600 ليرة.

تكشف المصادر أن الإجراءات بين المصارف لم تكن موحّدة، ففي بعض المصارف كان سقف الإيداع للأفراد 75 مليون ليرة، وفي مصارف أخرى كان الرقم أعلى أو أقل، كذلك الأمر بالنسبة للشركات، وهناك مصارف طلبت من الزبائن تسلّم دولاراتهم اليوم بعد الظهر، بينما مصارف أخرى طلبت من زبنائها القدوم الأربعاء أو الخميس، وبالتالي يصبح هؤلاء في وضع أخطر ممن يحصلون على دولاراتهم اليوم.

أمس كان الدولار في السوق السوداء حوالي 27 ألف ليرة، أقل بقليل أو أعلى بقليل، إنما اليوم من غير المعروف أين سيتّجه، ومن غير المعروف توجه منصة صيرفة أيضاً، وبالتالي فإن الزبائن الذين أودعوا أموالهم بالليرة أمس واليوم، يقومون بعملية تشبه “لعب الحظّ”، فربما عندما يحصلون على دولاراتهم تكون الأسعار على منصة صيرفة قد لامست السعر في السوق السوداء، أو تخطته ربما، وعندما يخسر الزبون، علماً أن المصرف يحصل على عمولة، معدلها في المصارف 5 بالمئة على المبلغ الذي يتم إيداعه بالليرة.

وتُشير المصادر إلى أن الفائزين بهذه العملية هم الذين علموا بإجراء مصرف لبنان قبل حصوله، فصرّفوا كميات كبيرة من الدولار على سعر 37 ألف ليرة، واليوم يُعيدون الدولارات الى جيوبهم بسعر أدنى بكثير محققين أرباحاً خيالية، كاشفة أن عدداً كبيراً من الصرافين الكبار وبعض مدراء المصارف كانوا على علم بحركة مصرف لبنان التي خفّضت سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى