سياسة

تعثر “النووي” يُكبّل لبنان.. التسوية مطلوبة!

عندما انتقلت مفاوضات الملف النووي الى الدوحة في قطر، استبشر اللبنانيون خيراً، فهم ينتظرون ربما، بقدر الإيرانيين والأميركيين، توقيع التفاهم لتتنفس المنطقة الصعداء، خاصة أننا على مشارف مرحلة انتقالية صعبة في لبنان، يتخللها التفتيش عن رئيس جديد للجمهورية، يعلن بانتخابه انطلاق مرحلة لبنانية جديدة عنوانها التسويات التي تضمن مواقع كل القوى السياسية المتناحرة، لكن النتيجة جاءت مخيّبة، حطّمت حلم الوصول الى تسوية قريبة.

ليس سرّاً القول أن لبنان منذ الخروج السوري عام 2005، بات يعيش على فتات التسويات الداخلية والخارجية، وما التعطيل الذي يضرب المؤسسات الدستورية في لبنان سوى الدليل الأشد وضوحاً على عدم قدرة الفريق السياسي اللبناني على ترتيب البيت الداخلي، فكلما حان مموعد استحقاق دستوري، وقع في فخ الفراغ الناتج عن غياب التسويات، وهذا ما حصل بعد حرب تموز 2006، وبعد أحداث أيار، وبعد الانقلاب على سعد الحريري 2011، وبعد الفراغ الرئاسي الذي استمر 29 شهراً، وسيحصل قريباً بعد نهاية ولاية ميشال عون الرئاسية.

يرى الكاتب والمحلل السياسي ماهر الخطيب أن لبنان لم يكن يوماً جزيرة معزولة عن التطورات التي تكون حاضرة في الإقليم، وبالتالي من الطبيعي أن يتأثر بما يحصل على مستوى مفاوضات الملف النووي الإيراني، نظراً إلى أن نتائج هذه المفاوضات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، من المفترض أن تؤثر على مختلف ملفات المنطقة، ومنها الملف اللبناني.

يُشير الخطيب في حديث لموقع “أحوال” إلى أن ما تقدم، يتأكد من خلال السعي السعودي، طوال الفترة الماضية، إلى ربط الملف اللبناني بملفات أخرى، أبرزها الملف اليمني الذي يعتبر الأهم بالنسبة إلى الرياض من بين كل الملفات المطروحة على طاولتها، لكن بسبب التعقيدات التي تُحيط بالساحة اللبنانية، يصبح من حيث المبدأ تأثير أي تقدم إيجابي بملف المفاوضات النووية غير مؤثر بنسبة كبيرة لوحده على الساحة اللبنانية، على اعتبار أن وجود مجموعة من اللاعبين الإقلميميين والدوليين على الساحة اللبنانية يجعل التسوية بحاجة الى مراقبة مصير أكثر من ملف.

أما بحال كانت التطورات سلبية، فمن الطبيعي بحسب الخطيب أن يكون هناك تداعيات على مستوى الملف اللبناني، نظراً إلى أن المنطقة، على الأرجح، تكون متجهة إلى سيناريوهات تصعيدية، بينما لبنان سيكون، في الأشهر القليلة المقبلة، على موعد مع إستحقاقات يحتاج فيها إلى تسويات من أجل إنجازها، أبرزها الإنتخابات الرئاسية، وأي تأخير على هذا الصعيد قد يكون له نتائج خطيرة، لا سيما إذا ما قرر أحد الأطراف الضغط من أجل دفع الآخرين إلى تقديم تنازلات.
إذاً، لم يأت الفرج من الدوحة، وإن كانت المفاوضات النووي لم تنته بعد، كما يبدو أنه لن يأتي قريباً من الباب السوري حيث تراجعت حظوظ عودة سوريا الى الجامعة العربية قبل قمّة الجزائر، وبالتالي سيصبح وصول رئيس جديد للجمهورية في التوقيت الدستوري أمراً أصعب، إلا إذا قرر الأوروبيون والاميركيون ومعهم بعض الدول العربية تحييد لبنان، وهو ما يبدو مستبعداً أيضاً.

 

محمد علّوش

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى