مجتمع

مخبز شارون الخيري.. مبادرة إنسانية يحتذى بها في الزمن الصعب

بينما تقف الناس في طوابير الذل أمام الأفران، وفي وقت دفع البعض حياتهم ثمن رغيف الخبز، يكفي ان تزور بلدة شارون في قضاء عاليه، لتجد مجموعة من شبان وصبايا البلدة من مختلف العائلات، حيث يعملون كمتطوعين من أجل تأمين رغيف الخبز الصاج لأبناء وسكان البلدة دون تفرقة او تمييز بين شخص وآخر.
انطلقت مبادرة مخبز شارون الخيري قبل حوالي العام بدعم وتمويل من ابن بلدة شارون المغترب نمر نجيب الصايغ، انطلاقا من شعوره بالمسؤولية تجاه اهله وأبناء بلدته، ورغبة منه بالوقوف الى جانبهم في الزمن الصعب، فأبصر المخبز النور وسرعان ما تحولت المبادرة الى ورشة عمل يومية، تضم عددا كبيرا من أبناء البلدة ذكورا واناثا، وهم الذين اجتمعوا على عمل الخير من اجل رسم بارقة امل في ظلمة هذه الايام الحالكة.


يوما بعد يوم بدأت المبادرة تنمو وها هو مخبز شارون الخيري اليوم مستمر في تأمين خبز الصاج لأبناء البلدة وسكانها، ما يشكل عاملاً مساعدا لأرباب العائلات، ويساهم في التخفيف عن كاهلهم بعد أن بات رغيف الخبز وللاسف خاضعا لمنطق السوق السوداء، وبينما تضاعف سعر ربطة الخبز قل وزنها ولم تعد تكفي العائلة ربطة واحدة في اليوم، ما يزيد من معاناة المواطنين في تامين قوت يومهم.
ومن اجل الحفاظ على المضداقية والشفافية يستقبل المخبز التبرعات العينية فقط من طحين وغاز وباقي مستلزمات العمل، ولا يتم قبول المساعدات المالية المباشرة، حيث يتكفل صاحب المبادرة بتأمين إحتياجات ومتطلبات المخبز، الا ان المبادرة تلقى دعم اصحاب الأيادي البيضاء من داخل وخارج البلدة، حيث تصل الى المخبز كميات من الطحين بالإضافة الى الغاز وباقي المستلزمات، ما يضاعف الإنتاجية والعمل من أجل تأمين كميات إضافية على مدار الأسبوع، وبالتالي تأمين متطلبات أبناء البلدة بشكل أفضل.


إذا هي مجرد فكرة إنطلقت من قبل أحد ابناء البلدة في بلاد الإغتراب الذي يشارك أهله همومهم ويحاول التخفيف منها، ولكنها اليوم باتت مضرب مثل في العطاء والبذل من أجل المجتمع، حيث تزداد الحاجة يوما بعد يوم الى التكافل والتضامن بين أبناء المجتمع للتخفيف من وطأة الأزمة وتأثيرها السلبي، وعليه فلتكن تجربة مخبز شارون الخيري مبادرة إنسانية يحتذى بها، من اجل خلق مجتمع متكافل ومتضامن في هذا الزمن الصعب.

يوسف الصايغ

صحافي لبناني يحمل شهادة الاجازة في الإعلام من كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية الاخبارية والقنوات التلفزيونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى