سياسة

“حزب الله” يستعد للحرب الشاملة.. ثلاث أسباب لـ”المناورات الصامتة”

خبير عسكري: معادلة جديدة أطلقها نصرالله.. المعركة بين حربين انتهت!

على وقع التصعيد العسكري النوعي في فلسطين المحتلة، والتطورات العسكرية والسياسية على الساحتين الاقليمية والدولية والمعادلات الجديدة التي تفرزها، فتح الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، مرحلة جديدة من الحرب مع إسرائيل، كاشفاً عن معادلات عسكرية جديدة في المواجهة مع إسرائيل في الجبهة الجنوبية.

وكشف نصرالله أن “تشكيلات حزب الله الجهادية قامت بمناورات صامتة خلال الأسابيع الماضية، وحذر إسرائيل من أنَّ أيّ خطأ يقدم عليه سيكون الردّ عليه سريعاً ومباشرة ولن يسمعوا بالاحتفاظ بحق الردّ في الزمان المناسب والمكان المناسب”.

تحذير نصرالله أعاد الى الواجهة احتمالات اندلاع حرب بين اسرائيل وحزب الله.. فهل يستند تهديد حزب الله ومناوراته الى معطيات عن استعداد اسرائيل لشن حرب على لبنان؟ وما الذي تغير لكي تنتقل المقاومة من التريث والتمهل في الرد على الهجوم إلى الرد المباشر؟

مصادر قريبة من المقاومة تشير لـ”أحوال” إلى أن المقاومة تقوم بمناورات دورية سنوية، وعندما تستدعي الحاجة ووفق متطلبات الميدان، لكن المناورات التي كشف النقاب عنها السيد نصرالله أمس والتي أجراها منذ فترة وجيزة ولاتزال، هي مناورة خاصة لمراعات ثلاث أسباب:

الأول يتعلق بالوضع الأمني العام في اطار محاولات إغراق الحزب ليتكيف مع التوترات والفوضى الامنية الداخلية وإلهائه عن الجبهة مع إسرائيل
الثاني ترقب هجوم مفاجئ للجيش الإسرائيلي على لبنان على شكل قصف صاروخي لمراكز صواريخ الحزب في الجنوب أو في سوريا أو اغتيال قيادات عسكرية وسياسية في الحزب، ربما تستغل اسرائيل الانشغال اللبناني وحزب الله بالوضع السياسي والانتخابات النيابية
الثالث يجري الحرب بشكل دائم الاستعدادات الميدانية للحرب الشاملة منذ إعلان نصرالله عن استعداد محور المقاومة للحرب الاقليمية وفتح الجبهات على بعضها

ووفق خبراء عسكريين واستراتيجيين، فإن الحزب يعتمد أسلوب المناورات الصامتة بشكل لا أحد يشعر بها من أهالي المنطقة ولا حتى الجيش الاسرائيلي ولا قوات اليونيفيل، ويستخدم قاعدة تمثيل “القوى الرمزية” مستغلا عاملي الأرض والليل.

أما المناورات الاسرائيلية بحسب ما يقول الخبراء لموقعنا، فكانت مقررة العام الماضي، لكنها تأجلت بسبب انتشار وباء كورونا، بيد أن هذه المناورات الجديدة اضافة الى كونها تركز في المواجهة على جبهة الشمال، لكنها ستُحاكي الحرب الاقليمية، وهذا يشكل قفزة نوعية لمحور المقاومة، إذ اعتادت إسرائيل منذ 1948 تثبيت الجبهات والعمل على جبهة واحدة ولفترة لا تزيد عن ستة أسابيع، ولكن عندما لوح محور المقاومة بالحرب الشاملة والاقليمية دفع إسرائيل للتدريب في المناورات لحرب على تعدد الجبهات والأمد الطويل لفترة 15 أسبوعاً وأكثر.

ويضيف الخبراء أن إسرائيل ستحشد أفخر قوات النخبة لديها للمشاركة في هذه المناورات، ولذلك تتأتى الخشية من أن تستغل الحكومة الاسرائيلية هذا التحشيد وفائض القوة واستغلال أي ثغرة عسكرية وأمنية لشن هجوم على لبنان، لذلك حذر السيد نصرالله من ارتكاب أي حماقة ومغامرة.

ويوضح الخبراء أن رسائل التحذير التي أطلقها حزب الله، قد تكون مستندة الى معلومات استخبارية أو حركة ميدانية اسرائيلية على الجبهة الشمالية، لكن لا معطيات وأدلة تؤكد ذلك، في ظل المعلومات المعاكسة التي تسود الوسط العسكري والامني في إسرائيل بأن الجبهة الداخلية لدى الكيان والظروف والتطورات الاقليمية والدولية لا تسح له بخوض حروب.

وينطلق نصرالله من تهديده بالرد الحاسم والمباشر والسريع من دون معادلة “سنحدد الزمان والمكان” الى ثلاث عوامل:

-الارتياح بأن إسرائيل غير جاهزة لشن أو خوض حرب لا سيما مع حزب الله
-قرار قيادة محور المقاومة بالرد على أي عدوان انطلاقًا من قرار بالحرب الشاملة والمفتوحة والمتعددة الجبهات حتى زوال الكيان
– أن إسرائيل لن تذهب الى حرب والعالم مشغول عنها ولن يحتشد لدعمها وإنقاذها من الحرب بقرار في مجلس الأمن الدولي، لا سيما وأن العالم الغربي لا سيما الأميركي منشغل بالحرب الروسية – الأوكرانية ولا يمكن أن يخوض الحرب على جبهتين

ويؤكد الخبراء أن موازين القوى تغيرت خلال العشر سنوات الماضية، لصالح حزب الله وحركات المقاومة، إذ بدأ انهيار الجيش الاسرائيلي التدريجي منذ الانسحاب العسكري المُذل من جنوب لبنان في العام 2000 من دون قيد أو شرط، ثم الهزيمة في حرب تموز 2006 وسقوط مشروع إسقاط سوريا وتدميرها بالحرب الارهابية، اضافة الى التصعيد النوعي في العمليات ضد اسرائيل داخل فلسطين المحتلة. ما يمنح المقاومة تفوقاً استراتيجيا، وبالتالي سيدفع اسرائيل للتفكير كثيراً قبل شن أي حرب على لبنان، أو اي استهداف لحزب الله في سوريا.

وبحسب الخبراء فإن إسرائيل وفي ظل هذه المعادلة التي فرضتها المقاومة، ابتعدت عن الحروب الكبرى ودرجت منذ سنوات على اختيار العمليات التي تمنحها فوقاً تكتيكياً وتضع بيدها زمام المبادرة، وتستنزف المعسكر المقابل بموارده البشرية وعتاده العسكري، من دون أن تؤدي الى التورط بحرب، وجربت ذلك في لبنان وسوريا ومع ايران، أي خوض معركة بين حربين.

لكن المعادلة الجديدة التي أرساها نصرالله أمس بحسب الخبراء “الرد على اي حماقة إسرائيلية بالمباشر”، يعني أن قواعد الاشتباك التي ولدت وتكرّست في زمن المعركة بين حربين قد سقطت، وأن المعركة بين حربين صارت مشروع حرب، وعلى “إسرائيل” إذا جازفت أن تتوقّع نشوبها والتورط فيها.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى