صحة

لبنان يحصّن “فايزر” ويتحمّل مسؤولية التّداعيات الصّحيّة

قطعت الدّولة اللّبنانية، الطّريق أمام أي دعوى قضائيّة ممكن أن تُرفع من متضرّري لقاح كورونا، بعد أن منحت شركة “فايزر” الأميركية، حصانة ضدّ أي ملاحقة قضائية قد تتعرّض لها على خلفية اللّقاح، الذي طوّرته مع شركة “بيونتك” الألمانية.

ووافق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على طلب وزير الصّحة تفويضه توقيع العقد مع شركة فايزر، لتأمين اللّقاح الخاصّ بوباء كورونا، وذلك وفقًا للشّرط الذي وضعته الشّركة، والذي يتطلّب موافقة رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة.

 عقد بـ 18 مليون دولار

وعلى الرغم من أزمة الشّح  في العملات الأجنبيّة، تُبرم الحكومة اللّبنانية عقداً بقيمة 18 مليون دولار تقريباً على إمدادات اللّقاح.

وكان مسؤولون لبنانيّون أكّدوا، أنّ لبنان أجرى محادثات للحصول على 1.5 مليون جرعة من لقاح “فايز-بايونتيك”.

وسجّل لبنان الذي يبلغ عدد سكانه ستّة ملايين نسمة،  199925 إصابة، بينها 1537 وفاة، منذ انتشار الوباء في شباط الماضي.

الخوف من اللّقاح

وفي الوقت الذي يرغب فيه الكثيرون في الحصول على لقاح ضدّ فيروس كورونا، في أسرع وقت ممكن، نلاحظ أن شريحة كبيرة من اللّبنانيين لا يثقون باللّقاح، ويشكّكون بمدى فعاليته، كما ويتخوفون من آثاره الجانبيّة في حال تلقوا جرعته؛ رغم أنّ نتائج التّجارب الأوليّة للقاح شركة “فايزر” الأميركيّة وشريكتها الألمانيّة “بيونتك” لقي نجاحاً بنسبة تزيد عن 90 %.

حصانة قانونيّة

وبحسب قانون الاستعداد العامّ والتّأهب للطّوارئ، فإنّ الشّركات المنتجة للّقاح ضد فيروس كورونا، تمتلك حماية قانونيّة حتى 2024، أي أنها تتمتّع بالحصانة التّامّة ضدّ أي دعوى قضائيّة، تتعلّق بتداعيات صحيّة قد تنتج عن أخذ اللّقاح.

ما يعني أنّه في حال ظهرت على أحد الأشخاص آثار جانبيّة شديدة، بعد تلقيه لقاح “كوفيد 19″، فلن يكون بمقدوره توجيه اللّوم لأيّ جهة أمام القضاء اللّبناني، فمن يحمي المواطن من التّداعيات الصّحية إن حدثت؟

الدّولة تتحمّل التّكاليف

يوضح رئيس لجنة الصّحة عاصم عراجي لـ “أحوال”، أنّ توفير حصانة قانونيّة لمصنّعي اللّقاحات والعلاجات الطارئة يعتبر مفيداً، إذ يحمي الشّركات من الدّخول في معارك قضائيّة، في حال ظهور أي مضاعافات على متلقي اللّقاح، الذي اكتشف بشكل طارىء وبظروف استثنائية.

ويشير عراجي إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون وافق على اقتراح وزير الصّحة توقيع العقد مع شركة “فايزر”، لشراء اللّقاحات اللّازمة لمكافحة وباء ” كورونا “، كما قام رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسّان دياب، بالموافقة على طلب وزير الصّحة تفويضه توقيع العقد مع الشّركة لتأمين اللّقاح، وذلك، وفقًا للشّرط الذي وضعته “فايزر”، والذي يتطلّب موافقة رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة.

ويعتقد عراجي أنه بهذا التوقيع، تقع على عاتق الدّولة اللّبنانية تحمّل مسؤوليّة أي تداعيات صحيّة قد تصيب متلقي اللّقاح.

في المقابل يقول المحامي زكريا الغول، سيكون لبنان على موعد مع وصول لقاح شركة “فايزر”، المضاد لفيروس كورونا، في مطلع شهر شباط المقبل، وبهذا الفعل ستكون الدولة اللبنانية متخلّفة عن مجاراة باقي دول العالم، التي باشرت بالدّفعة الثّانية من التّلقيح .

ويتابع، بتوقيع رئيسيّ الجمهوريّة والحكومة على عقد شركة “فايزر”، تكون قد وقعت المشّكلة القانونية، في تشريع استخدام اللّقاح للحالات الطّارئة، والمتمثّلة بموافقة لبنان على طلب “فايزر” عدم التّنازل عن حقها في رفع مسؤوليّتها عن الأعراض الجانبيّة، في حال ظهرت نتيجة تلقي اللّقاح، وضمان عدم ملاحقتها قضائيّاً، في حال تعرّض أيّ شخص إلى أعراض خطرة أو وفاة.

ويوضح الغول أنّ الشّركة المنتجة لأي دواء أو منتج طبّي، تتحمّل المسؤوليّة القانونيّة جرّاء حصول أعراض جانبيّة، ناتجة عن إستعمال الدواء الذي أنتجته، إلّا أنّ إستخدام لقاح كورونا جرى بسرعة قياسيّة لمواجهة الجائحة التي أرهقت البشريّة، منذ ما يقارب العام، فقامت دول العالم و سمحت بإستعمال التّلقيح به كحالة طارئة، ورفعت أيّ مسؤوليّة عن الشّركة المنتجة، بخصوص الأعراض الجانبيّة، في محاولة للخلاص من نتائج تلك الجائحة الكارثيّة.

وبمعزل عن العوارض النّاتجة عن إستعمال لقاح كورونا، إن كانت عاديّة أو جانبيّة، فإنّ إستعماله ورفع المسؤوليّة عن الشّركات المنتجة للّقاح، تمّ لدرء مخاطر الجائحة .

أمّا في لبنان، فإنّ حملة التّلقيح ستبدأ بعد أكثر من شهر ونصف الشهر، وحينها سيكون عشرات ملايين المواطنين حول العالم قد أخذوا اللّقاح.

المواطن يتحّمل “المضاعفات”

ويؤكد الغول أن المسؤوليّة في لبنان بعد توقيع العقد مع الشركة المنتجة، يجب أن تكون على عاتق الدّولة، في حال ظهور أي عوارض جانبيّة ناتجة عن تلقي اللّقاح، تماماً كما فعلت العديد من الدّول، لكن الأمر مختلف في بلد غارق بالأزمات الخانقة، والظروف الاستثنائيّة، ما يجعل المواطن وحده مسؤولاً عن خياره في تلقي اللّقاح، وفي حال ظهرت عليه أي  مضاعفات صحيّة، حينها يكون عوضه حينها على الله .

حرب اللّقاحات

يوجد 48 لقاحاً مضاداً لفيروس كورونا في مرحلة التّجارب السّريريّة على البشر، تنتجها العديد شركات الأدوية، لكن 11 منها فقط دخل المرحلة الثّالثة والأخيرة قبل الحصول على موافقة السّلطات، وفق منظمة الصّحة العالميّة؛ منها «فايزر-بيونتيك» و«موديرنا» و«سبوتنيك في» الروسي، والمجموعة الإنجليزية-السويدية «أسترازينيكا» وجامعة «أوكسفورد»، و«جونسون أند جونسون»، وغيرها. ومن المفترض أن تحدث هذه اللّقاحات ثورة تسهم في حصر المرض، في حال تمكّنت الحكومات من إقناع المجتمعات بقبولها والاقتناع بها.

ناديا الحلاق

 

ناديا الحلاق

صحافية في صحف لبنانية عدة في أقسام السياسة الدولية والاقتصاد. كاتبة في مجلات عربية عدة ومواقع الكترونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى