هل تشهد طرابلس “ثورة” ضد “مافيا” أصحاب المولّدات الخاصّة؟
يبدو أنّ خطوة النّائب العام الإستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان مؤخّراً، الذي أوقف عبرها جميع أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصّة في مدينة صور بسبب عدم إلتزامهم بالتسعيرة الرسمية التي تصدرها وزارة الطاقة، في خطوة جاءت بعد خطوة أكبر منها قام بها في مدينة صيدا، بعدما قاد نائب المدينة أسامة سعد تحرّك شعبي كبير في المدينة ضد أصحاب المولّدات، قد شجّع البعض في مدينة طرابلس على القيام بتحرّك مماثل.
ملامح هذا التحرّك الذي تأخّر كثيراً، برأي شرائح واسعة في عاصمة الشّمال، بدأت مع تقديم النائب رامي فنج إخباراً إلى النيابة العامّة في طرابلس ضد عدد من أصحاب المولّدات بسبب عدم إلتزامهم تطبيق التسعيرة الرسمية التي تحدّدها وزارة الطاقة، بعدما أصبحت المولّدات ضرورة في ضوء التقنين القاسي الذي تشهده المدينة، وأنّ التيّار الكهربائي لا يُؤمّن فيها أكثر من 3 ساعات يومياً على الأكثر.
وبرّر فنج تقديمه الشّكوى “بضرورة تطبيق القانون بهذا الشّأن في طرابلس أسوة ببقية المناطق اللبنانية التي تلتزم التسعيرة الرسمية، ونظراً لأنّ الأسعار في طرابلس متضخّمة بشكل لا يمكن إستيعابه”، ذلك أنّه بينما تحدّد وزارة الطاقة سعر كلّ كيلو وات بـ12 ألف ليرة، فإنّ أصحاب المولّدات يُسعّرونه بالدولار الأميركي بما يتراوح بين 80 ـ 85 سنتاً، أيّ تقريباً أكثر من الضعف.
فنج الذي توقّع بعد تقديمه الدعوى ضدّ بعض أصحاب المولّدات في طرابلس، وهي الدعوى الأولى من نوعها ضدهم في المدينة، أن “تبدأ النّيابة العامّة باستدعاء كلّ المسؤولين عن هذا الواقع للتحقيق معهم، وإجبارهم على تقاضي التعرفة القانونية”، أمل أن “تبتّ النيابة العامّة بالأمر بسرعة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، خاصّة وأنّ المواطنين لم يعد بمقدورهم التحمّل أكثر، في ضوء إرتفاع الحرارة غير المسبوق هذا الصّيف”.
خطوة فنج رافقتها خطوة أخرى قام بها النّائب كريم كبّارة، الذي طالب بعد لقائه وزير الداخلية والبلديات بسّام مولوي “إعطاء مهلة أيّام قليلة جدّاً لأصحاب المولّدات، فإمّا إلتزامهم بتعرفة وزارة الطاقة وإمّا إقفال مولّداتهم بالشّمع الأحمر مهما كانت النتائج”، معتبراً أنّه “من غير المسموح إستغلال حاجات أبناء طرابلس والإستمرار بهذا الفلتان الذي يُهدّد الأمن الإجتماعي في المدينة”، ومشدّداً على “ضرورة إتخاذ قرارات حاسمة ونهائية في هذا الملف الذي يُثقل كاهل المواطنين في طرابلس”، وداعياً مولوي إلى “تطبيق القانون، خصوصاً أنّه سبق ووجّه إنذارات إلى أصحاب المولدات”.
خطوتا فنج كبّارة تزامنت مع “بوستات” نشرها مواطنون عبر منصّات وسائل التواصل الإجتماعي، مترافقة مع صور لعلب اللبنة والجبنة وقد تلفت وقد أصبحت غير صالحة للأكل، بسبب إنقطاع التيار الكهربائي، وممارستهم تقنيناً ذاتياً على إشتراكاتهم في مولّدات الكهرباء الخاصّة التي ارتفعت تكلفة فاتورتها الشهرية بشكل كبير، ما يؤدي إلى خسارتهم مادياً من جهة، ومن جهة أخرى تضرّرهم صحيّاً إذا تناولوا هذا الأطعمة التي فسدت.
حجم الإستياء الشّعبي من استغلال أصحاب المولّدات الخاصّة حاجتهم للكهرباء دفعهم إلى إيقاف إشتراكاتهم فيها، بينما أقدم آخرون على إطلاق النّار باتجاه المولّدات ليلاً ما أدّى إلى تضرّرها، في وقت يقوم فيه أصحاب المولّدات، بما يشبه تصرّف “المافيات”، بمنع صاحب أيّ مولد من الدخول إلى منطقة نفوذه في الأحياء وكأنّها “إمارة” مملوكة منه، ما كان يؤدّي إلى وقوع إشكالات دائمة، الأمر الذي وضع المواطنين بين خيارين: إمّا الإشتراك في مولّد يفرض صاحبه تسعيرته الخاصّة؛ وإمّا الإمتناع عن الإشتراك والبقاء في العتمة.
فهل يدفع هذا الوضع والتحرّكات الأخيرة الرافضة له في طرابلس في حصول “ثورة” تطيح بأصحاب المولّدات ومن يقف وراءهم من قوى سياسيّة وأمنية داعمة لهم، وتبادلهم الإتهامات التي باتت تضجّ بها صالونات ومنتديات المدينة ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي؟
عبد الكافي الصمد