مجتمع

التكافل الاجتماعي… عكازة العائلات المحتاجة في رمضان

عندما تغيب الدّولة ومؤسّساتها عن المجتمع، يصبح أفراده في مهب الرّيح، وتصبح لقمة العيش صعبة المنال، خصوصًا في هذا الظّرف الاستثنائي والعصيب الذّي يمر به لبنان، لكن دائمًا يظهر من يسد هذا الفراغ، ليضمّض جراح المجتمع، أفراد وجمعيّات ومجموعات أعلنت النّفير لإغاثة العائلات المحتاجة وبالأخص في شهر رمضان المبارك.

من خلال مواقع التّواصل الاجتماعي نستطيع أن نرصد نشاط أصحاب الأيادي البيضاء الذّين يعملون ليلاً ونهارًا في تأمين الحصص الغذائية ومواد التنظيف والأدوية، وكل ما تحتاجه العائلات التي لا حول لها ولا قوّة، خصوصًا أن نسبة الفقر ارتفعت في لبنان في ظل الانهيار الشّامل الحاصل، وخلال الشهر الكريم دأبوا على توزيع وجبات الإفطار يوميًّا على العائلات المحتاجة، بعد دعم الخيّرين وإقامة حملات لجمع التّبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي، شارك فيها ناشطون كثر، أمّنوا خلالها المبالغ المالية اللّازمة لتغطية نفقات الحملات.

نسبة العائلات المحتاجة ارتفعت بشكل كبير والمبادرات التي تقوم بها الجمعيّات والأفراد مهمّة جدًّا لتعويض غياب مؤسّسات الدولة وفق ما أشار مسؤول العلاقات العامّة في جمعية نماء المحامي علي عطايا، ولفت إلى أنّ عدد وجبات الإفطار التي بدأت الجمعيّة بإعدادها العام الماضي ارتفع إلى الضّعف، والجمعيّة تؤمّن اليوم ألف وجبة إفطار لألف عائلة ضمن بيروت الكبرى والضاحية الجنوبية .

 

نحن اليوم نسد فجوة وليس الأزمة كلها ولدينا ألف طلب على قائمة الإنتظار، هذا دليل على سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحال التي وصلنا إليها، وسد للفراغ الحاصل بين المواطن والمؤسسات الضامنة والمؤسسات الاجتماعية للدولة المعنيّة بمساندة المواطن في هكذا ظروف وفق ما أشار عطايا، متمنّيًا على المغتربين أن يمدّوا يد العون لكلّ الجمعيات والمبادرات التي تُعنى بدعم المواطنين، حتى تستمر في مشروعها وهدفها، لحين الانتهاء من هذه الظروف القاسية التي تمر على جميع اللبنانيين.

الوضع يزداد سوءًا أكثر من أي وقت مضى، وفق ما أشار مسؤول حملة وتعاونوا عفيف شومان، ولفت إلى أنّه في السنة الماضية كانت نسبة النّاس المحتاجة 60%، أما السّنة فنسبتهم أصبحت 90% بحسب البيانات لدى الحملة، وهذه نسبة مخيفة، بالإضافة إلى أنّ هناك محال تجارية ومؤسّسات أغلقت أبوابها، ما يعني أنّ نسبة البطالة ارتفعت والموارد المالية لدى المواطنين أصبحت معدومة، فالذي كان فقيرًا أصبح تحت خط الفقر، والذي كان من الطّبقة المتوسطة أصبح فقير وبحاجة لمساعدة.

صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي تتلقى يوميًّا طلبات من عائلات وأشخاص بحاجة لمساعدة، ونحن نقيم حملات لجمع التبرعات، وبهمّة الخيّرين نؤمّن المواد التموينيّة لها، إضافة إلى الخضار واللحوم وقسائم الغاز، كذلك تأمين الأدوية للمرضى ولوازم العجزة والرُّضع، وتسديد فرق الضّمان الاجتماعي والوزارة للمرضى في المستشفيات، وفق ما أشار شومان، داعيًا القيّمين على المبادرات والجمعيّات للاستمرار في نشاطهم خلال شهر رمضان وما بعده لتأمين حاجات العائلات.

الجمعيات والمبادرات والأفراد لم يقفوا موقف المتفرج أمام الأزمة الخانقة التي يمر بها لبنان، فعشرات العائلات تبيت بلا عشاء أو إفطار، بل شحذوا هممهم ليساندوا العائلات المحتاجة والمتعفّفة في هذا الشّهر الكريم كما كانوا في الشّهور التي خَلَت، وكل حسب إمكانياته وقدراته، إنها همّة أهل الخير في شهر الخير.

 

منير قبلانمنير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى