أصوات محدودة ترجّح فوز نائبين في طرابلس: جدلٌ حول قانون الإنتخابات
لم تخرج طرابلس بعد من “صدمة” فوز نائبين بمقعدين نيابيين من حصّتها التي يبلغ عددها ثمانية مقاعد، بعدما نالا أصواتاً تفضيلية هي الأقل بين جميع النوّاب الـ128 الفائزين، الأوّل تحت المئة صوت، والثاني أقل من 400 صوت، ما أثار سجالاً ونقاشاً واسعين حول عدالة القانون الإنتخابي الذي جرت الإنتخابات النيابية الأخيرة على أساسه، وسط ودعوات إلى ضرورة إجراء تعديلات عليه من أجل تحقيق مزيد من العدالة والمنطق.
النّائب الأوّل هو الفائز عن مقعد الروم الأرثوذكس في طرابلس جميل عبّود، بعدما حصل على 79 صوتاً تفضيلياً جعل “لائحة إنقاذ وطن” المنضوي فيها تنال 3 حواصل، إذ فاز إلى جانب عبّود كلّ من النّائبين المنتخبين أشرف ريفي وإيلي خوري، ما أثار إستغراباً واسعاً في طرابلس، لأنّ عبّود الذي نال عدداً محدوداً جدّاً من الأصوات قد فاز بمقعد نيابي، في حين أنّ مرشحين آخرين حازوا على آلاف الأصوات التفضيلية وخسروا.
عبّود ردّ في حديث لـ”أحوال” على استغراب ورفض البعض في المدينة وخارجها فوزه بالمقعد النيابي بقوله أنّ “هذا هو القانون الإنتخابي الذي خضنا الإنتخابات النيابيّة على أساسه وفزنا، وعلينا أن نحترم القانون والدستور”، مضيفاً أنّ “أيّ مرشّح غيري في أيّ لائحة أخرى كان سيفوز بالمقعد لو حصلت لائحته على حاصل إضافي”.
غير أنّ عبّود يقول بأنّه “كنت أتوقع فوزي بالمقعد النيابي، لأنّ لائحة النائب أشرف ريفي (التي كانت القوّات اللبنانية حليفة ريفي فيها) حصلت على رقم كبير من الأصوات التفضيلية، وكان طبيعياً أن نفوز بثلاثة حواصل مع أمل بأن نفوز بحاصل رابع”.
وحول ضمن أيّ تكتل نيابي سيكون في المجلس النيابي المقبل، ردّ عبود “أنا عضو في “مشروع وطن الإنسان” الذي يرأسه النائب المنتخب نعمة افرام، ومن الطبيعي أن أكون في عداد كتلته”.
ورأى عبّود أنّ “الشعارات لم تعد تنفع المواطنين، وعلينا العمل من أجلهم، وعملنا سيكون شهادة لنا عند المواطنين في المرحلة المقبلة”.
وبما يتعلق باتهام البعض له أنّه كان سابقاً عضواً ناشطاً في التيّار الوطني الحرّ قبل أن يغادره قبل سنوات، بعد خلافات نشبت مع مسؤوليه، ردّ عبّود أنّ “هذه المرحلة قد انتهت وأصبحت وراءنا”.
اللغط في طرابلس لم يقتصر على فوز عبّود فقط، فقد أثار النّائب المنتخب عن المقعد العلوي فراس السّلّوم سجالاً مماثلاً، ليس من حيث أعداد الأصوات التفضيلية التي نالها وبلغت 370 صوتاً فقط، إنّما بسبب الإحتفالات التي أعقبت فوزه في منطقة جبل محسن في المدينة، حيث يقطن غالبية العلويين، وما رافقه من هتافات مؤيّدة للرئيس السّوري بشّار الأسد إنتشرت مقاطع فيديو لها على منصّات مواقع التواصل الإجتماعي.
أثار ذلك إلى جانب مواقف السلّوم الداعمة والمؤيّدة لـ”سلاح المقاومة الذي حمى لبنان”، وفق قوله، ردود فعل واسعة في طرابلس، خصوصاً من حلفائه في “لائحة التغيير الحقيقي” كالنائب المنتخب إيهاب مطر وحليفتهما في اللائحة الجماعة الإسلامية، ودعوات له إلى تقديم استقالته، إضافة إلى اتهامه بأنّه عضو في الحزب العربي الديمقراطي الذي يمثل أكثرية العلويين.
لكنّ السلّوم ردّ في تصريح لـ”أحوال” أنّه “لو كنت منتسب إلى الحزب العربي الديمقراطي لكنت نلت أصواتاً أكثر من التي حصلت عليها بأضعاف”، ومؤكّداً أنّه “لن أستقيل، فالأمر غير وارد عندي، ولا أفكر في الموضوع نهائياً. أنا أتيت كنائب تغييري، وأدعم الإنفتاح والتعاون مع الجميع”.
وعن الإحتفال بفوزه الذي أثار ردود فعل قال السلّوم إنّه “كان عفوياً”، لكنّه شدّد على أنّه “نعيش في طرابلس كعائلة واحدة، ويدي ممدودة إلى الجميع لما فيه خير ومصلحة المدينة”، كما هو الحال في بلدة العريضة في عكّار عند الحدود الشمالية، وأقيم له احتفال آخر حيث يقطن أقارب له، وهو ما أوضحه السلّوم بقوله إنّ “سجلات نفوسي هي في باب التبّانة في طرابلس، لكنّ العريضة هي البلدة التي عشت فيها نحو 15 عاماً تقريبا، كون العائلة موزّعة بين طرابلس وعكّار وسوريا”، لافتاً إلى أنّ “أهالي العريضة، الموزّعين بين 75 تقريباً من السنّة و25 من العلويين، شاركوا في الإحتفال مع سكان قرى مجاورة، لأننا نعيش تعايش مشترك وواحد حقيقي”.
عبد الكافي الصمد