مجتمع

سياسة تكسير الرأس تحكم مستشفى الحريري الجامعي

أيّام عصيبة يعيشها موظفو ومستخدمو مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، بفعل الأزمة الاقتصادية الخانقة وبسبب تقاعس المعنيين عن حل مشكلة الرواتب، والتي باتت اليوم تهدّد استمرارية أكبر مستشفى حكومي في لبنان، بعد استمرار الاضراب لأكثر من أسبوعين دون أن تحل وزارة الصحة المشكلة.

مصدر خاص في لجنة عامل ومستخدمي مستشفى رفيق الحريري أكد لـ”أحوال” أنه منذ أن أُقرَّت سلسلة الرتب والرواتب وصلت إلى الموظفين والمستخدمين في المستشفى مشوّهة، بسبب تقاعس مدير المستشفى حينها وزير الصحة الحالي فراس أبيض، لأنه ترك الموضوع على عاتق وزراة الصحة، وهنا أُقرّت السلسلة وكانت مجحفة بحق الموظفين، وبعد المطالبات الحثيثة والتحركات المستمرة وضع أبيض سلسلة خاصّة بالموظفين ورفعها لسلطة الوصاية (وزارة الصحة) إضافة إلى وزارة المالية، وتذرّع حينها بأن الموضوع ليس عنده بل عند الوزارات المعنية، وعندما أصبح وزيرا للصحة لم يفعل لنا شيء.

السلسة المشوهة أصلا لم نتقاضاها إلا بعد عامين، بعد أن تدهور الوضع وفقدت الليرة قيمتها، ورغم كل الهبات التي قُدّمت للمستشفى خلال فترة كورونا لم يصل إلى الموظّف أي ليرة، وبعد الاعتصامات التي أجريناها بدأ المدير العام بدفع 280 ألف ليرة كل شهر بدل سلسلة عوضا عن دفعها كاملة وفي وقتها، واليوم هذا المبلغ لم يعد يساوي شيء، وفق ما أكّد المصدر.

ضياع إداري تعيشه المستشفى يهدد استمراريتها أيضًا، فعندما عُيّن أبيض وزيرا للصحة كان من المفترض أن يُعيَّن مديرًا آخرًا خلفًا له، إلا أن الوزير كلّف الأكبر سنا في مجلس الإدارة لكي يقوم بمهام رئاسة مجلس الإدارة، والذي كلّف بدوره رئيسة مصلحة التمريض لكي تقوم بمهام المدير العام، مع العلم أن رئيس مجلس الإدارة هو نفسه المدير العام، والتي اعتذرت بدورها عن القيام بهذه المهام، بعد امتناع الوزير عن الاستجابة لمطالب الموظفين.

ولفت المصدر إلى أنه عند اندلاع أحداث 17 تشرين وعندما قُطعت الطرقات كل الناس توقفت عن الذهاب إلى أعمالها، إلا نحن بقينا نحضر إلى أشغالنا ومن يصعب عليه الوصول كانت الإدارة تحسم من معاشه حسمّا مضاعفًا استنادًا إلى تدبير داخلي أصدره المدير العام السابق،

أما في الوباء نفس القضية، وبسبب غلاء المعيشة فكل الادرارت حضرت بنسبة 30% إلا نحن فبقينا نأتي دوامًا كاملاً، وتقاضينا مساعدة اجتماعية بمساعدة الاتحاد العمالي العام وهي لمدة عام فقط.

وأضاف المصدر: نحن طلبنا مساعدة بسيطة لكي نبقى قادرين على الحضور إلى مركز عملنا أو إعطائنا قسائم محروقات، فالراتب والمساعدة لا تكفي أبدًا وهناك موظفون في المستشفى يحضرون بنسبة 150% يعني عمل إضافي وهم مجبرون على ذلك وليس برضاهم بسبب النقص في الكادر التمريضي بعد الهجرة الكبيرة للممرّضين، والإدراة تغض الطرف عن مساعدتهم إما عبر المكافئات أو عبر المحروقات.

يذكر أن إدارة المستشفى رفضت إعطاء الموظفين والمستخدمين بدل غلاء معيشة بعد صدور مروسم غلاء المعيشة، تحت حجّة أنهم تقاضوا مساعدة اجتماعية ولا يحق لهم الاستفادة من المرسوم، وهذا مناقض تمامًا لنص المرسوم 7516 الخاص بالمستشفى، فالمادّة 33 منه تنص على استفادة موظفي المستشفى حكمًا من أي غلاء معيشة تصدر للقطاع الخاص.

هذا التخبّط الإداري في المستشفى ظهرت تداعياته في توقف قسم غسيل الكلى لأوّل مرّة في تاريخه لمدّة نصف ساعة عن العمل وهو أكبر مركز لغسيل الكلى في لبنان، بسبب نقص بعض المواد التي يحتاجها القسم، وإن استمرت الأمور على هذا المنوال ربما ستطّر كافة الأقسام إلى التوقف، خاصّة وأن المستشفى لم تعد تستقبل مرضى جدد بسبب الإضراب، فمتى تستجيب سلطة الوصاية والمعنيين لمطالب الممرضين والموظفين وتعطيهم شيئا من المساعدات الوفيرة التي تلقتها المستشفى خلال مرحلة كورونا، عوضًا عن سياسة تكسير الرأس التي تُمارس ضدهم؟

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى