انتخابات

نوّاب “المستقبل” والتوريث السّياسي: “مش ماشي الحال”

في دورة إنتخابات عام 2018، أقدم الرئيس سعد الحريري على خطوة تبنّي “توريث” المقاعد النّيابية لأبناء نوّاب خاضوا غمار الإنتخابات إلى جانبه منذ دورة عام 2005، بعد اغتيال والده الرئيس الرّاحل رفيق الحريري في 14 شباط / فبراير من ذلك العام، أو سابقاً مع والده منذ دورة عام 1996، سواء بعد وفاة هؤلاء النوّاب، أو بعد تنحيهم أو تنحيتهم لمصلحة أبنائهم، بعد تسوية عقدها الحريري معهم.

ومع أنّ تيّار المستقبل لم يكن حزب توريث سياسي كون مؤسّسه جاء إلى العمل السّياسي العام من خارج هذا النطاق ومن خارج الطبقة السّياسية نفسها، فإنّ انتقال مآل الأمور في قيادة دفّة التيّار الأزرق بعد اغتيال المؤسّس إلى نجله دون سواه، في عملية توريث الزعامة والمبايعة على الطريقة اللبنانية والخليجية، جعل الحريري الإبن، في وقت لاحق، غير قادر على رفض آلية انتقال الزعامة هذه بالنسبة لسواه من شخصيات وعائلات سياسيّة أخرى.

ففي عكّار، أعاد تبنّي الحريري ترشيح طارق المرعبي على لائحة تيّار المستقبل في دورة إنتخابات 2018 الزّعامة والنّيابة إلى منزل والده النّائب السّابق طلال المرعبي، بعد غياب إمتد 18 عاماً، منذ سقوط المرعبي الأبّ في دورة إنتخابات عام 2000، بالرّغم من أنّ الحريري تبنّى ترشيح آخرين من عائلة المرعبي ذات الحضور الواسع في عكّار، عدداً ونفوذاً، سواء عبر النّائب السّابق مصطفى هاشم في دورة إنتخابات عام 2005، أو خلفه النائب السابق معين المرعبي في دورة إنتخابات عام 2009.

غير أنّ المرعبي الإبن لم يثبت حضوراً سياسياً وشعبياً كافياً، فكان أن صدرت مواقف عدّة داخل تيّار المستقبل تؤكّد أنّ النّائب طارق المرعبي لن يكون على لائحة التيّار في الإنتخابت المقبلة، الامر الذي دفع والده لإعادة ترشيح نفسه بدلاً من نجله، وتحديداّ بعد إعلان الحريري “تعليق” عمله في الحياة السّياسية اللبنانية وعدم ترشّحه في 24 كانون الثاني الفائت.

أمّا في طرابلس، وبعد إعلان النّائب سمير الجسر أنّه غير مرشّح للإنتخابات المقبلة، توجّهت الأنظار إلى نجله غسّان للترشّح مكانه، ولكنّ استطلاعات رأي وأجواء المدينة السّياسية لا تعطي الجسر الإبن فرص نجاح كافية، عكس كريم كبّارة نجل النّائب محمد كبّارة، حيث تؤكّد أغلب إستطلاعات الرأي أنّه يملك حظوظاً كافية للفوز في الإنتخابات المقبلة، وهي حظوظ تنطلق من كونه يستند إلى حالة شعبية خاصّة كان والده قد أسّسها وحافظ عليها بمعزل عن تيّار المستقبل.

وفي الضنّية، فإنّ النّائب سامي فتفت الفائز في دورة إنتخابات 2018 والذي خلف والده النّائب السّابق أحمد فتفت، يبدو في وضع غير مريح يجعله يكرّر فوزه مجدّداً باستحقاق 15 أيّار المقبل، في ظلّ تضعضع تيّار المستقبل بعد خطوة الحريري، وبروز أكثر من مرشح طامح لمنافسته، ما دفع فتفت الأبّ، وفق ما أوضحت لـ”أحوال” مصادر مطلعة، يبلغ الرئيس فؤاد السنيورة بأنّه “إذا استبعد نجله من لائحة التيّار المرتقبة، فإنّه لن يلزم الصمت وسيقوم بخطوة ستحدث خضّة كبيرة في صفوف التيّار بالمنطقة”.

وفي العاصمة بيروت لا يبدو الوضع مختلفاً، خصوصاً بعدما شنّ زاهر عيدو، نجل النّائب الراحل وليد عيدو، والذي ترشّح على لائحة تيّار المستقبل في دورة الإنتخابات الماضية ولم يحالفه الحظ بالفوز، هجوماً لاذعاً على الحريري، متهماً إيّاه بأنّه “لم يكن يريد والدي على لائحته في دورة إنتخابات 2005″، ومعتبراً بأنّ تخلّي الحريري عن والده “عمل سياسي غير نظيف”، ولافتاً إلى أنّه “إذا كنت أؤيّد وأحب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فهذا لا يعني أنّني مجبرٌ أن أتّبع نجله”، في إشارة واضحة إلى أنّه ينوي الترشّح بعيداً عنه، بالتحالف مع آخرين، من بينهم بهاء الحريري تحديداً كما يُروّج حالياً.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى