هل يخطّط الأميركيون ليكون ميشال معوض “فلتة شوط” رئاسة الجمهورية؟
كما تعوّدنا في لبنان، فإن انتخابات رئاسة الجمهورية تبدأ بتداول أسماء المرشحين قبل سنوات، وتنشط الغربلة قبل أشهر ليتم حسم الأمور قبيل الدخول إلى جلسة الإنتخاب، وأحياناً في داخلها. ولذلك يُجمع المتابعون والمعنيون على أنه لا يستطيع أحد تقدير طبيعة معركة الرئاسة إلاّ عند حلول اللحظات الأخيرة، التي تحسم لون الدخان الذي سيتصاعد من قاعة إلتئام عقد النواب التي تنقلت في السنوات الأربعين الأخيرة، من ساحة النجمة إلى قصر منصور إلى المدرسة الحربية في الفياضية إلى مطار القليعات في عكار (الذي تحوّل إسمه إلى مطار الرئيس الشهيد رينيه معوض)، إلى فندق بارك أوتيل في شتورة – البقاع، من دون أن يستطيع أحد أن يقدّر المكان المقبل!
والمتابع لسياق عمل المؤسسات الإعلامية، يلاحظ أن كلاً منها يركز على الترويج لشخصية معينة، إما تلويحاً أو إشارةً أو تهشيم صورة الأخصام، وأحياناً كثيرة بتوجيه رسائل ذات مدلولات لا تُخفى على أحد، وفق ما تتصرف السفارة الأميركية في بيروت أو بعض كبار المسؤولين الأميركيين الذين يزورون العاصمة اللبنانية، ويخصون منذ فترة رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض بإهتمام لا يُترجم تجاه أية شخصية لبنانية أخرى!
صحيح أن الشاب ميشال لم يكن قد بلغ سن الرشد حين إستشهد والده الرئيس رينيه معوض يوم عيد الاستقلال عام 1989 وبعد أيام معدودات من إنتخابه في الخامس من تشرين الثاني من ذاك العام الذي شهد ولادة إتفاق الطائف، ولكنه ورث منه مروحة واسعة من العلاقات الدولية هيأت له الطريق ليكون الإسم البديل لزميله النائب مخائيل الضاهر الذي ارتبط إسمه بالعبارة الشهيرة “مخائيل الضاهر أو الفوضى” التي أطلقها مساعد وزير الخارجية الأميركي، ريتشارد مورفي، حينها.
ورغم أن الشاب معوض إنتظر ثلاثة عقود بعد استشهاد والده، ليخلفه في الندوة البرلمانية التي تولت والدته نايلة القيام بتغطية أعباء تلك المرحلة، إلاّ أنه لم يقف متفرجاً بل عمل على إطلاق “حركة الاستقلال” اللبنانية عام 2005، وكان من المشاركين الناشطين في ما حمل تسمية “ثورة الأرز”، إضافة إلى حركات سياسية مختلفة بما فيها لقاء قرنة شهوان ولقاء البريستول. وتلك الحركة الناشئة، وبحسب برنامجها، سعت “إلى التنمية الإنسانية والاقتصادية، وإلى عصرنة مؤسسات الدولة وتثبيت مبادئ الشفافية والمحاسبة والمشاركة في الحياة العامة”، وفق ما جاء في وثيقة إعلانها. وبالإضافة إلى كونه المدير التنفيذي لمؤسسة رينيه معوض، فهو يضطلع بالعديد من المبادرات الاجتماعية والمدنية التي تهدف إلى تحفيز الشباب اللبناني تجاه تطوير المفاهيم الديمقراطية!
وتلك العلاقات الموروثة والحركة الدؤوبة أهّلته ليكون تحت الأضواء الأميركية، إن لجهة النشاطات التي يقوم بها على الأراضي الأميركية (مؤتمرات وندوات)، أو لجهة كونه مقصداً لعدد من الزوار الأميركيين وأبرزهم في السنوات الأخيرة وزير الخارجية مايك بامبيو، أو لجهة الرعاية التي تخصه بها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، التي رافقته في تشرين الأول المنصرم بإفتتاح أكثر من نشاط تنموي على الأراضي اللبنانية، ومنها تدشين مشروع بالطاقة الكهربائية البديلة في بلدة كفرياشيت – قضاء زغرتا القريبة من مقر إقامة رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه في بنشعي من نفس القضاء.
الأسماء المتداولة لإنتخابات رئاسة الجمهورية متعددة، إرتباطاً بالمقولة الشهيرة “أن كل ماروني مرشح لرئاسة الجمهورية”. ولكن جميع المراقبين يُدركون أن السياسة الأميركية حول العالم تعتمد مبدأ طرح خارطة طريق لمشروع معين، ولكنها تضع في الوقت نفسه خرائط بديلة تلجأ إليها في حال تعثر تحقيق المشروع المحوري، وعلى خلفية التعامل مع الوقائع وفق ما يناسب المصالح الأميركية، وبالتأكيد مصالح حلفائها!
مرسال الترس