منوعات

هذا ما يريده رئيس الجمهورية من البطريرك الماروني

لم يعد خافياً أنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي يُحمّل رئيس الجمهورية ميشال عون جزءاً كبيراً من المسؤوليّة عن استمرار الأزمة الحكوميّة، وهذا ما كان يعكسه بشكل مباشر أو غير مباشر عبر عظاته التي انطوت في الفترة الأخيرة على لهجة قاسية في مخاطبة المعنيين بالملف الحكومي.
ولعلّ ما أعطى إشارة اضافية إلى أن الراعي يضع الكرة في ملعب عون هو طلبه العلني منه ان يدعو الرئيس المكلف الى زيارته لكي يتفاهما على تشكيل الحكومة بعد انقطاع كرّسه الفيديو المسرّب، في حين يمتنع عون عن ذلك لغاية الآن، معتبراً أنّ لا حاجة لتوجيه “دعوة رسمية” إلى الحريري حتى يلتقيه، على قاعدة أنّ أبواب القصر مفتوحة اصلاً امامه متى اراد ان يزوره، “علما ان المطلوب من الرئيس المكلّف ليس زيارة شكلية تضاف الى الاجتماعات ال14 السابقة وإنما عليه أن يحمل معه تشكيلة وزارية تراعي معايير الدستور والتمثيل العادل، حتى تكون مقبولة من رئيس الجمهورية.” وفق إيضاحات أوساط بعبدا.
ويسود القصر الجمهوري انطباع بأنّ هناك من يوشوش في أذنيّ الراعي من حين إلى آخر لتحوير الحقائق ودفعه الى اتخاذ مواقف غير منسجمة مع طرح عون الذي ينطلق في مقاربته الحكومية من زاوية حماية التوازنات المسيحية والوطنية، كما يؤكد القريبون منه. وتشير جهات داعمة لرئيس الجمهورية إلى أنّ شخصيات مسيحية، مثل مستشار الحريري الدكتور غطاس خوري والوزير السابق سجعان قزي والنائب فارس سعيد، تحاول عبر تواصلها مع البطريرك التأثير في اتجاهاته ومواقفه، الأمر الذي استدعى من القصر الجمهوري تفعيل خطوط التشاور معه عبر الموفد الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي الذي التقى الراعي أكثر من مرة أخيراً، لتصويب الأمور وتحقيق نوع من التوازن في الحضور السياسي داخل أروقة بكركي.
وقد شدّد الراعي أمام الموفد الرئاسي على ضرورة أن يلتقي عون بالحريري ليعالجا العقد الحكومية، فقيل له إنّ المطلوب عقد لقاء منتج، ينتهي إلى نتيجة وليس الى مواجهة، وإلا فانه سيعطي مفعولاً عكسياً وبالتالي لن تكون له جدوى إذا استمرّ الحريري على عناده، فرد البطريرك: سنفضح الحريري إذا عرقل فرصة الوصول إلى اتفاق، فأتاه الرد بأنّ الوضع سيزداد تعقيداً عندها.
وتعتبر أوساط رئاسة الجمهورية أنّ بكركي يجب أن تتموضع في موقع الداعم لعون في خلافه مع الحريري، لأن هذا هو مكانها الطبيعي، لا أن تكون منحازة إلى رئيس تيار المستقبل أو حتى على الحياد، وذلك انطلاقاً من أنّ عون يخوض معركة الدفاع عن حقوق المكوّن المسيحي التي يسعى الرئيس المكلف الى تهميشها من خلال تفرده بتسمية الوزراء المسيحيين، بينما يراعي المكوّنات الأخرى، وهذا من شأنه أن يتسبّب في خللٍ على مستوى عدالة التمثيل والتوازن الوطني.
وضمن هذا السياق، أبلغ جريصاتي البطريرك بأنّ وساطته موضع تقدير، ولكن يجب دعم رئيس الجمهورية ميشال عون الحريص على اعتماد المعايير الواحدة، فيما لفتت الأوساط الرئاسيّة إلى أنّ تصريح وزير الخارجيّة السّعودي فيصل بن فرحان قبل مدة قصيرة حول ضرورة نبذ حزب الله يشكّل ضغطاً على الرئيس المكلف ولا يساهم في تسهيل الولادة الحكومية فوافقه الراعي بأنّ مثل هذا التّصريح لا يساعد.

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى