مجتمع

اللّبناني يتخلّى عن “برستيجه”… إقبالٌ غير مسبوق على “البالة”

منذ أن بدأت الأزمة الاقتصاديّة في لبنان قبل 17 تشرين 2019، بدأت يومها شركات الملبوسات العالميّة بتقليص عدد فروعها في لبنان، ومع اشتداد الأزمة سارعت إلى إغلاق كافّة الفروع إلى غير رجعة، ما أدّى إلى خسارة لبنان لأهم المتاجر العالميّة، التي كانت تشغّل عددًا كبيرًا من اليد العاملة اللبنانيّة، إضافة إلى إشغال العقارات ومستلزماتها.

اليوم وفي ظل انهيار اللّيرة اللّبنانيّة أمام الدولار الأميريكي، بات همّ اللّبناني أن يؤمّن قوت يومه، خصوصًا أنّ الحد الأدنى للأجور أصبح لا يتجاوز الأربعين دولار، صارفًا النّظر عن أيّة أمور أخرى كشراء الملبوسات التي بات يعتبرها أمورًا كماليّة، وفي الوقت عينه ابتعد من هم أيسر حالًا عن المتاجر الفخمة، وتوجّهوا نحو سوق البالة، كون أسعارها مقبولة، الأمر الذي ساهم بنشاط هذا السّوق.

البالة ليست فقط العربة التي تحمَّل فوقها الملبوسات، وإنّما هي أسواق كبيرة كسوق الإثنين في البقاع، وسوق الثلاثاء في النبطية، تباع فيها بضائع جديدة ومستعملة، إضافة إلى البالة المتنقلة عبر الشنطة التي يحملها البائع الجوال، وفق ما أشارت الناشطة الاجتماعية ربى حدّاد والتي كان لها تجربة في بيع وشراء الثياب المستعملة، لافتةً إلى أنّ سوق البالة ليس نشطًا من الآن وإنّما منذ زمن، لكنّ الفرق أن الناس باتت تتحدث عن شرائها من البالة بعدما كان معظمهم يخفي ذلك.

واعتبرت حدّاد أن سوق البالة حجز لنفسه مساحة عبر التّسوق  online، لكن أسعار البضائع المعروضة مرتفعة مقارنة بثمنها في السوق، ما يحرم المواطن من إمكانية الاستفادة من الأسعار المنخفضة التي يجدها في حال زيارته للبالة.

محلات الستوك أيضًا نشطت في هذه الأزمة، لأنّ المواطن لم يعد قادرًا على شراء الماركات العالمية لأنها أصبحت باهظة الثّمن، فيلجأ إلى الستوك أو تقليد الأصلي الذي لا زال بإمكان المواطن دفع ثمنه، وفق ما يشير صاحب محال لبيع الملبوسات في القماطيّة قضاء عالية أحمد عبدالله، لافتًا  إلى أنّ المبيع online بات يحتلّ نسبة كبيرة من عمل هذه المحال، ورأى أن الإقبال على البالات أمرٌ طبيعي لأنّ المواطن يجد القطعة بنصف عمرها وبسعر مقبول وأحيانًا تكون ماركة عالميّة.

سوق الخلنج عبارة عن محال لبيع الألبسة بأسعار رمزية بين الخمسمئة ليرة لبنانية إلى ثلاثة آلاف ليرة، في مناطق عكار وطرابلس وبرج حمود ووادي الزينة لذوي الأوضاع الاقتصادية المعدومة، وهي مبادرة أقامتها شركة FabricAID لتجميع الثّياب من المتبرعين معالجتها وبيعها في هذه المحال بهذه الأسعار الزهيدة، ولفتت مسؤولة التسويق في الشركة لوليا حلواني، إلى أنّ الإقبال كبير على هذه المحال نظرًا لأسعارها الرّمزية، مشيرةً إلى وجود أيضًا سوق عكاظ وهو متجر يبيع فيه المواطنون ألبستهم للمتجر في منطقة الحمرا في بيروت، ضمن مواصفات معيّنة وضعها المتجر، ليقوم الأخير ببيعها فيما بعد لزبائن آخرين بأسعارٍ مخفّضة أقصاها 90 ألف ليرة، ويشهد أيضًا هذا المتجر إقبالًا من المواطنين للبيع والشّراء، نظرًا لارتفاع أسعار الملبوسات الجديدة.

محال بيع الألبسة المستعملة تشهد اليوم إقبالًا غير مسبوق، خصوصًا أنّ هذه الأزمة علّمت اللبناني التّقشف، وأبعدته عن البريستيج الذي اعتاد عليه لسنوات طويلة، وربّما تكون الأيّام القادمة أصعب من هذه، ويصبح الإقبال على محال البالة ترفًا، ومن يدري؟.

 

الزميل المصوّر عباس سلمان كان له جولة على أحد أسواق البالة حيث وثّق عمليات البيع والشراء وحركة الزبائن بعدسته.

Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman
Photo by: Abbas Salman

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

عباس سلمان

النقيب السابق لنقابة المصورين الصحافيين في لبنان. رئيس قسم التصوير في جريدة السفير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى