منوعات

خفايا “كمين الطيونة” و”الشاهد الملك” في المرفأ

"الثنائي": محاكمة "القناصة" وتنحية البيطار مقابل الحكومة

لن تنتهي مفاعيل أحداث الطيونة – عين الرمانة عند حدود تشييع الشهداء وإلقاء القبض على مطلقي النار، ثم إخلاء سبيلهم بعد تدخلات سياسية كالمعتاد؛ بل إن الساحة الداخلية دخلت في مخاضٍ عسير وشديد الخطورة بعناوين أربعة، بحسب ما يقول مصدر مطلع ومتابع لتطور الوضع السياسي لـ”أحوال”:

الأول أمني، يتمثّل باختبار قدرة الأجهزة الأمنية، لا سيما مخابرات الجيش، بإلقاء القبض على المسؤولين عن تدبير الكمين، سواء القناصة أو الجهة السياسية التي تقف خلفهم. وفي هذا الخصوص، تكشف المعلومات لموقعنا أن “قيادتَي “أمل” و”حزب الله” بذلتا جهوداً مضنية لضبط جمهورهما، وأودعا الملف لدى الأجهزة المعنية وأبلغا قيادتا الجيش والأمن الداخلي الإسراع بالمعالجة الأمنية باعتقال المسؤولين ضمن مدة زمنية محددة، كون الأجهزة تملك “داتا” المعلومات الكافية والوافية عن مطلقي النار ومن يقف خلفهم، وإلا فلن تستطع القيادتَين تبريد الغليان في الشارع الذي لا يضمن أحد ردّات فعله ضد القتلة، وبالتالي الدخول في المجهول”. لذلك، وعدت قيادة الجيش بحسب المصادر بمعالجة الأمر، وبادرت أمس فوراً إلى جمع المعلومات عن المشاركين في الأحداث لملاحقتهم، وألقت القبض على بعضهم والذين ينتمون إلى “حزب القوات اللبنانية”؛ لكن مصادر “الثنائي” أبدت استغرابها إزاء سحب قيادة الجيش روايتها في البيان الأول من “تعرض المحتجين إلى رشقات نارية” إلى “إشكال تطور إلى اشتباك مسلح”، ما يساوي بين القاتل والمقتول، ويرسم علامات استفهام حول الجهة الخارجية التي طلبت هذا التعديل، ولأي سبب؟

وسأل المصدر: “لماذا بادر رئيس “القوات” سمير جعجع لحماية المحقق العدلي طارق البيطار بقوة السلاح؟ هل تبيّن في التحقيقات الأمنية ضلوع “القوات” في تفجير المرفأ بعد اكتشاف شاحنات النيترات المضبوطة لأصحابها “الأخوين مارون وإبراهيم الصقر”، ولها علاقة ما بنيترات المرفأ الذي كان ينقل إلى المجموعات المسلحة في سورية؟ وبالتالي وجد جعجع أن المسار الذي يسلكه البيطار مريح كونه يؤدي إلى طمس الجوانب التقنية للتفجير، وتجهيل الفاعل وتضليل التحقيق وتصويبه باتجاه فريق سياسي معين؟

العنوان الثاني، بحسب المصدر، هو سياسي يتعلق بإحالة جريمة الطيونة إلى المجلس العدلي كونها تهدّد الأمن والسلم الأهلي، وهذا يتطلب جلسة لمجلس الوزراء المعلّق على إصرار “الثنائي” والمردة على تنحية البيطار، لكن تنشط الاتصالات بعيداً عن الأضواء لعقد جسلة ببند وحيد هو الإحالة إلى المجلس العدلي.

الثالث قضائي يتعلّق بإجراء تحقيق أمني قضائي جدّي ونزيه، وبعيد عن الضغوط السياسية بواقعة الطيونة.

العنوان الرابع سياسي – دستوري – قضائي، يتمثل بإيجاد مخرج دستوري لتنحية البيطار

إلا أن المصدر تخوّف من أن تداعيات كمين الطيونة وتنحية البيطار لن تنتهي، فأمام لبنان فصول من التوترات والأزمات والخضّات السياسية والأمنية والقضائية حتى الانتخابات النيابية.

وفيما تنفي “القوات” أي دور لها في “الكمين”، اتهمت مصادر “الثنائي” عبر “أحوال”، “القوات بتدبير الحادث، ما يثبت دورها في فرض مشاريع الكانتونات والفدرالية الطائفية وتهديد الاستقرار بقوة السلاح”، مؤكدة “التمسك بالسلم الأهلي وعدم الإنجرار خلف رغبة جعجع، ووأد هذه المشاريع”.

وأشارت المصادر إلى “وجود أدلة ومعلومات أمنية بأن “القوات” حضرت ساحة الكمين قبل ثلاثة أيام، أي بعد كلام الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، الذي أشّر إلى تحركات شعبية باتجاه قصر العدل”، محذرة من أن “الأميركيين يقفون خلف أعمال القوات الحربية بعد تفعيل العمل بخطة بومبيو لضرب الاستقرار”. في المقابل، استبعدت المصادر أي رد فعل أمني للحزب والحركة لإفساح المجال للأجهزة الأمنية لتقوم بعملها، “لكن هذا لا يعني التخلي عن دماء الشهداء التي لن تذهب هدراً هذه المرة”، مشيرة إلى أن “المستجدات الأمنية ستفرض تقديم موعد إطلالة السيد نصرالله من 24 الجاري إلى موعد يحدد خلال أيام قليلة”.

وفي موازاة ذلك، كشفت مصادر مطلعة على الإتصالات الجارية على خطوط المقار الرئاسية لموقعنا أن “المساعي لم تتوصل حتى الساعة إلى مخرج توافقي، لكن هناك عدة مخارج يجري مناقشتها ودرسها في ظل إصرار الثنائي والمردة وأطراف حكومية أخرى على تنحية البيطار كشرط انعقاد أي جلسة للحكومة، مقابل رفض بعبدا إقالة البيطار في مجلس الوزراء كون ذلك من صلاحية القضاء، فيما يقف ميقاتي في الوسط لاعتبارات خارجية بعد أن وصلت رسائل خارجية إلى “القيادات السنية” والنائب السابق وليد جنبلاط بالوقوف جانباً في هذه المعركة لوضع الشيعة في مواجهة المسيحيين، وهذا ما يُفسر صمت دار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات”. لكن بحسب المصادر، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري طرح حلاً على وزير العدل حظي بموافقة ميقاتي، لكنه يحتاج إلى وقت لبلورته وتظهيره كتسوية تعيد تفعيل الحكومة.

وبحسب معلومات “أحوال” فإن “حزب الله” ومنذ أشهر عكف على دراسة ملف تفجير المرفأ عبر لجنة أمنية قانونية تقنية بشكل معمق، وتوصل الى رواية شاملة وكاملة احتفظ بها للكشف عنها في الوقت المناسب، واكتفى بمراقبة أداء المحقق العدلي للبناء على الشيء مقتضاه؛ لكن منذ أسابيع قليلة ثمة من أبلغ قيادة الحزب بأن الاتهام يحضر ضده بتفجير المرفأ عبر فبركة “الشاهد الملك” في القضية (أحد كبار الموظفين الموقوفين في القضية)، فيبني المحقق العدلي قراره الظني على هذا الشاهد ويحيله إلى المجلس العدلي الذي يأخذ وقتاً طويلاً في إجراءات المحاكمات وإصدار الأحكام.

وحتى ذلك الحين، سيبقى الحزب ملاحقاً قضائياً وسياسيا وشعبياً ويعلق في “اللاوعي الجمعي” لأهالي الشهداء والمتضررين والموقوفين واللبنانيين عموماً والرأي العام العالمي، وبالتالي تبقى القضية سيفاً مسلطاً على رقبة الحزب ومنصة للإستثمار والابتزاز والضغط السياسي وورقة للمقايضة، لذلك سارع الحزب لنقل رسالة تهديد إلى البيطار لتحذيره من مغبة هذا التوجه، والبدء بسلسلة تحركات لتنحية البيطار قبل صدور القرار الظني.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى