منوعات

لماذا ألمح عون إلى التمديد؟

أدخل رئيس الجمهورية ميشال عون الاستحقاق الرئاسي الى دائرة التداول المبكر من خلال المواقف الملتبسة التي أطلقها اخيرا، وتراوحت بين رفضه تسليم الفراغ وبين استعداده للبقاء في بعبدا اذا قرر مجلس النواب ذلك، الأمر الذي فتح باب التأويلات والاجتهادات على مصراعيه.

ويبدو ان عون بدأ استخدام المسافة الفاصلة عن موعد الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول المقبل كحقل للمناورات بالذخيرة الحية، من أجل جس نبض المعنيين واستشراف الاحتمالات بكل اتجاهاتها، مع العلم انه لا يمكن حسم السيناريو الأكثر رجحانا منذ الآن باعتبار ان الذهاب نحو الانتخاب الديموقراطي او الفراغ او التمديد او التوافق على هوية الرئيس، انما يتوقف في نهاية المطاف على طبيعة اللحظة في حينه وظروفها الداخلية والخارجية.
وحتى ذلك الحين لا بد في المبدأ، من انتظار نتائج الانتخابات النيابية في آذار او أيار المقبل لرسم معالم أولية للاستحقاق الرئاسي المقرر بعد نحو 11 شهرا، اذ ان التوازنات والأحجام التي ستفرزها صناديق الاقتراع ستؤثر على اتجاهات المعركة حول كرسي بعبدا، وبالتالي فإن من سيستحوذ على الأكثرية سيستطيع مبدئيا ان ينتزع مقعدا في الصفوف الأمامية للمرشحين او الناخبين الاساسيين.
ولكن الانتخابات النيابية في حد ذاتها ليست مضمونة، ولا يمكن الجزم بإجرائها منذ الآن، وسط المخاوف المتزايدة على مصيرها لأسباب سياسية تارة وأمنية طورا.
وإضافة الى ذلك، تؤكد التجارب ان موازين القوى النيابية هي مجرد جزء من معادلة اختيار رئيس الجمهورية، وربما ليست سوى الجزء الأصغر من تلك المعادلة ولو ان المجلس هو الذي يتولى الانتخاب – الاخراج، في حين ان المواءمة بين العوامل الخارجية وقاعدة التوافق الداخلي تبقى هي الأكثر تحكما بتظهير صورة الرئيس المقبل، بمعزل عن الحساب العددي للأكثرية والاقلية اللتين لا تصرفان في سوق الديموقراطية التوافقية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا مفصلية.
ولأن تحديد هوية الرئيس في لبنان يتوقف بالدرجة الأولى على نسج تقاطعات داخلية – خارجية قد لا تكون ناجزة ومكتملة في الوقت المناسب، فإن هناك من يستبعد حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها، ويبشر منذ الآن بمأزق جديد امتدادا لازمة النظام الذي لا ينتج الا المآزق، الواحد تلو الآخر.
وببنما يحيط الغموض بالسيناريو المترتب على احتمال تعذر انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري، هناك من يجزم بأن خيار التمديد لعون غير وارد بتاتا، ولو انه المح خلال مقابلته مع قناة الجزيرة الى انه قد يكون مطروحا كفرضية نظرية، مبديا الاستعداد للبقاء بعد انتهاء ولايته اذا طلب منه مجلس النواب ذلك.
ويستند المقتنعون باستحالة التمديد الى الاعتبارات الآتية:
– عدم إمكان توافر اغلبية نيابية الى جانب التمديد في ظل الخلافات والنزاعات المستحكمة بين العهد وعدد من الكتل التي تفضل الفراغ على استمرار عون في الرئاسة.
– الافتقار الى رافعة خارجية للتمديد، تتولى رعايته او حمايته، بل ان العهد بات على خصومة حادة مع أكثر من عاصمة مؤثرة.
– ان عون نفسه غير متحمس ل”ملحق رئاسي” كما يؤكد القريبون منه، مشيرين الى انه مصر على استكمال ولايته حتى آخر لحظة، لكنه يتوق بعدها للعودة الى الرابية والتحرر من العبء الثقيل الذي يرزح تحته منذ استلامه سدة المسؤولية.
من هنا، يرجح العارفون ان يكون تلويح عون بالتمديد نابعا من موقف تكتيكي يرمي الى التلاعب بأعصاب خصومه الذين يعدون الدقائق وهم ينتظرون انتهاء ولايته، كذلك يسعى عون الى بدء عملية تحسين مواقعه التفاوضية في الملف الرئاسي عبر رفع سقف الاحتمالات، لمحاولة تقوية أوراق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في السباق الى بعبدا، والا لتعزيز القدرة على التفاوض حول “البديل”.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى