مجتمع
أخر الأخبار

الجسم الطبي ضحية التفلت الأمني وغياب التشريعات الحمائية

لا يكفي الجسم الطبي والتمريضي السهر المضني والنفير العام منذ بداية جائحة كورونا، ولا الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه كما باقي الشعب اللّبناني، حتى أتت جائحة جديدة على شكل اعتداءات جسدية لتضرب الجيش الأبيض، إذ شهدت العديد من المستشفيات في لبنان عدّة اعتداءات على أطباء وممرضين، آخرها الاعتداء على طبيب في مستشفى حكومي في الجنوب.

هذا الاعتداء جاء بعد أيام قليلة على الاعتداء الذي تعرّض له مدير مستشفى البوار الحكومي البروفيسور أندريه قزيلي، والاعتداء على الكادر الطبي والتمريضي في مستشفى خاص في البقاع.

كلّها اعتداءات متنقلة بين المستشفيات أثارت الرأي العام الذي شجب هذه التصرفات، وأعلن تضامنه مع الجسم الطبي.

نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفيسور شرف أبو شرف وفي حديث خاص لأحوال استنكر الاعتداءات بحق أطباء وممرضي لبنان، مؤكدًا أنّ النقابة ستتخذ صفة الادعاء الشخصي على المعتدين، لافتًا إلى أنّ هذا النوع من الاعتداءات يرتد سلبًا على المجتمع ككلّ، ويعطي صورة بأنّ المجتمع اللّبناني مجتمع همجي وهذه صورة مخالفة للواقع.

وأشار أبو شرف إلى أنّ النقابة تقدّمت بمشروعي قانون لحماية الجسم الطبي لمجلس النواب وتتم دراستهما في لجنة الإدارة والعدل  وقد تواصل مع رئيس اللّجنة النائب جورج عدوان وتمنى عليه الإسراع بإقرار وتحويل المشروعين إلى الهيئة العامة، من أجل بث الطمأنينة في نفوس الأطباء والممرضين، ومعاقبة كل من يتجرأ على الاعتداء عليهم.

أبو شرف دعا لضرورة توعية الناس حول مساوئ هذا السلوك الهمجي، فالطبيب  يعطي من وقته وصحته في هذا الظرف العصيب لقاء مردود لا يذكر ليأتي مريض متفلت أو أحد أقاربه ويكافيه بالضرب؟ لافتًا إلى أنّه تواصل مع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي وطلب منه المساعدة في انتداب عنصرين من قوى الأمن الداخلي في كل مستشفى لتأمين حماية للأطباء والممرضين من أي موتور، وأظهر الوزير كلّ تجاوب.

ووجّه نقيب الأطباء رسالة للأطباء والممرضين عبر أحوال وطلب منهم أن يكملوا رسالتهم في خدمة الناس والدفاع عن صحتهم وهذا ما برهنوه في جائحة كورونا وانفجار المرفأ، إذ أظهروا بإمكاناتهم المتواضعة تفانيًا لا مثيل له .

وقد حصل أحوال على أبرز بنود اقتراح القانون سابق الذكر وأبرزها :

1- مَن ضرب طبيبا أو عامله بالعنف والشدّة في أيّ وقت كان عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.

2- إذا وقع الفعل على أحد معاوني الطبيب في أثناء ممارسة الطبيب عمله أو في معرض ممارسته إيـّاه أو بسببه عوقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات.

3-  تشـدّد العقوبات المفروضة في الفقرتين السابقتين على النحو المبيّن في المادة 257 من قانون العقوبات إذا اقترفت أعمال العنف عمداً أو إذا اقترفتها جماعة من ثلاثة أشخاص على الأقل أو نجم عنها جرح أو مرض .

وتُرفع العقوبة أيضا على النحو المبيّن في المادة 257 من قانون العقوبات إذا كانت أعمال العنف من الخطورة بحيث تستوجب عقوبة أشد من العقوبات التي نصّـت عليها هذه المادة في فقرتيها الأولى والثانية.

هذا الاعتداء ليس الأوّل وربما لن يكون الأخير، في بلد يستسهل فيه المواطن تجاوز القانون والدوس على الخطوط الحمر التي رسمتها القيم الإنسانية وحمتها الأعراف والقوانين المحلية والدولية، ونصت عليها شرعة حقوق الإنسان، ومن خلال هذه التصرفات اللّامسؤولة وفي ظل غياب تطبيق القوانين وخصوصًا المواد 554 إلى 558 من قانون العقوبات والتي تنص على تجريم المعتدين على أي إنسان والتسبب له بأضرار جسدية ونفسية وغيرها، فيظهر أن هذه القوانين لا تكفي لحماية الجسمين الطبي والتمريضي ولا بدّ من الإسراع بإقرار مشروعي القانون المقدمين من نقابة الأطباء، لما في ذلك صون لكرامة الطبيب والممرض، وللحدّ من النزف الحاصل في الجسمين الطبي والتمريضي  بعد موجة الهجرة التي يشهدها الأطباء والممرضون نحو بلاد الاغتراب.

منير قبلان

منير قبلان

باحث قانوني. إعلامي ومعد برامج وتقارير سياسيّة واجتماعية. يحمل شهادة الماجيستير في الحقوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى