أبو المنى شيخاً مستحقاً للعقل: إنتهاء مفاعيل لقاء خلدة
رسمياً أُقفل باب الترشيح لموقع مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز على مرشح وحيد هو الشيخ سامي ابو المنى، وعلى ما يبدو فقد أُقفلت أيضاً مندرجات لقاء خلدة الثلاثي وعادت السياسة الى ما كانت عليه سابقاً.
في 26 حزيران الماضي جمع صالون المير طلال ارسلان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب وكانت استحقاقات الطائفة سيدة الحضور الطاغي، يومها ساد شعور عام أن اللقاء قد أزال كل العقد والتشنجات ووضع الطائفة على سكة الحوار وحل قضاياها “بالتي هي أحسن”، وعلى رأس الأولويات قبول التنوع وتوحيد مشيخة العقل ومشاركة الجميع في المجلس المذهبي والبُعد عن التشنجات في الشارع.
الانتكاسة في الاختبار الأول
تقول الحكمة الشهيرة أنه ما فُرض على أهل الجهل أن يتعلموا حتى فُرض على أهل العلم أن يعلموا، وهنا تستحق الحكمة ترجمةً أخرى تقول: ما فُرض على أهل السلطة أن يعدلوا حتى فُرض على المعارضة أن تكون مسؤولة.
إذ مع نهاية أيلول الحالي يستحق موعد إنتخاب شيخ عقل جديد، وقد شكل الأمر إختباراً حقيقياً لمسار التعاون بين الأطراف، والإستحقاق هذا يتوزع بين القوى السياسية والمراجع الروحية وهنا كانت المفاجأة – الأزمة الكبرى، المشهد سوريالي، حين ترى القوى التي تشتكي أحادية وليد جنبلاط تتصرف مثله بأضعافٍ مضاعفة وهي لا تتقن تقديم البديل الصحيح، هي لا تُقدم على تحمل وزر المؤسسات الخدمية فهل ذلك خوفاً أم جهلاً أم الإثنين معاً؟.
بدأت الإتصالات بين القوى الفاعلة في الطائفة من أجل ترتيب الاستحقاق على قاعدة “التوافق وإنهاء الانقسام الحالي”، وكانت كل المشاورات تدور على قاعدة “أعطونا الأسماء لنتفق”، وباستثناء المراجع الدينية التي قدمت أسماءً لم تلق قبولاً عند الجميع، غابت المبادرة عند الفريق المعارض لجنبلاط الممسك بخيوط اللعبة أساساً، لا بل ظن بعضهم أنه سيقدم كل التنازلات ولا داعي للتعب والعمل، والسؤال: ألا يوجد لدى هذه الشريحة من هو مناسب كي ترشحه للمنصب؟ هل شعار الغاء كل هذه المؤسسات الرسمية مفيد للناس (المجلس المذهبي، تنظيم الأوقاف، مؤسسة مشيخة العقل، المؤسسات التعليمية…)؟.
وبالمناسبة لا أحد يمكنه فهم هذا الاخراج السيء في مقاربة استحقاق مفصلي سيمتد من اليوم ولعقدٍ ونصف من الزمن، وحده المحور الجنبلاطي عرف كيف يوفر البيئة والأجواء لتزكية اسمٍ وحيد دون خدوش موجعة في جسم الفريق، إنها سياسة “فن الممكن” البناءة وليست أفكار غوغائية بسياسة “فن المطلق” الهدامة.
“سماحة” الشيخ الشاعر بالتزكية
يختتم الاستحقاق “ماراتونه القصير” على مرشح وحيد، فمن هو الشيخ الدكتور سامي أبو المنى؟
الشيخ سامي، كما يناديه الجميع، هو من النخب القليلة من المشايخ الدروز الذين تعرفهم كل منابر الأدب والمعرفة وفي كل الاتجاهات، تراه يوماً محاوراً ومناظراً إعلامياً في قناة الايمان إحدى مؤسسات سماحة السيد محمد حسين فضل الله وفي اليوم التالي يعتلي منبر جامعة القديس يوسف خطيباً وما بينهما تراه محاضراً في الشأن التربوي في مؤسسات رسمية.
هو “الشيخ الشاب” النشيط في مختلف المناسبات، المحاور الهادئ، المتعمق في فلسفة الدين دون التطرف على هوامشه، رائد من رواد الحوار الاسلامي المسيحي وواضع كتاب في هذا الشأن بعنوان “رؤية الموحدين الدروز في الحوار الاسلامي المسيحي” وقد نال عليه شهادة الدكتوراه في العلوم الدينية بدرجة جيد جداً مع توصية بالنشر من جامعة القديس يوسف – كلية العلوم الدينية وهو أمين عام مؤسسة العرفان التوحيدية ورئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز.
يؤخذ على الشيخ سامي مواقفه السياسية المؤيدة لوليد جنبلاط الى حدود التطرف، وهو من وضع الأناشيد والقصائد في مديح شخص وسياسات جنبلاط، فكيف به أن يكون شيخاً جامعاً للطائفة؟ ولكن ذلك لا يُفسد في ود القضية أنه قد كان الأقرب الى مواصفات الوجه العام للطائفة بين من تداولت أسماءهم في هذه الفترة، وهو الوجه القريب من تلك النخب المثقفة في تنوع المجتمع اللبناني، وهو من سيأخذ بعين الاعتبار أن الموقع الجديد يفترض الدخول الى حيز التلاقي والحوار.
في الختام، مهمة الشيخ الجديد ليست بالسهلة، هناك الكثير من الاستحقاقات والألغام في الطريق وأولها فتح حوار جدّي مع شريحة واسعة من الخصوم على قاعدة “اعتراضكم على الشخص لا يعني اسقاط المؤسسة”، اليوم لدى طائفة الموحدين عدد من المؤسسات فهل سيتمكن الشيخ سامي من اعطاءها دفعاً جديداً وتخفيف الانتقادات عنها وعلى رأسها لجنة الأوقاف وحماية الممتلكات الوقفية العامة ومد جسور التوافق مع الجميع؟.
عامر ملاعب