منوعات
أخر الأخبار

طرابلس قبرص سالكة على الخطين.. الدولة اللبنانية تسهّل هروب أبنائها

إنّه الجوع. الدافع الأساسي خلف أيّ تهوّر أو تحرّك مجنون وانتحاري. هذه المرّة الخبر من عاصمة الجوع والحرمان، طرابلس. فميناء المدينة وبعد تحوّله مؤخرًا إلى المرفأ التجاري الأوّل بعد تهشّم مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، يبدو أنّ أرصفته تشهد نشاطًا غير مألوف على اللّبنانيين، وهو الهجرة غير الشرعية.

فقد وصل إلى شواطئ قبرص في الأسبوعين الماضيين حوالي 105 أشخاص خرجوا من مدينة طرابلس بشكل غير شرعي، طالبين اللّجوء إلى الأراضي القبرصية ذات الإدارة اليونانية.
وبحسب المعلومات، فإن عائلات من بعض بلدات عكار وعدد من أحياء طرابلس قد نجحوا وبالإتفاق مع مهرّبين لبنانيين وسوريين بالوصول إلى شواطئ بلدة بارليمني القبرصية على متن مراكب يكاد لا يصلح بعضها للصيد بحسب شهود عيان. هذا العدد الكبير، والذي يضم بين المهاجرين نساءً وأطفالاً، دفع بالسلطات القبرصية إلى دراسة حالاتهم حالةً بحالة، وذلك نظرًا لأن إعادتهم دونها مخاطرة كبيرة نتيجة سوء حال المراكب. في الوقت عينه ألقت السلطات القبرصية القبض على مهربين سورييين ولبنانيين وساقتهم إلى التحقيق بتهمة التجارة بالبشر.
حتى الآن كل ما وصلت أصداؤه إلى أهالي المهاجرين في طرابلس يُعد طبيعيًا وواقعيًا تبعًا لحال الفقر الشديد الذي وصل إليه قسم كبير من اللّبنانيين عمومًا وأبناء الشمال تحديدًا. ولكن، ما هو غير طبيعي يكمن بنقطتين أساسيتين:
– كيف تمكّنت المراكب من المغادرة؟
– وكيف نشط المهرِّبون على الأراضي اللّبنانية دون اكتشافهم من قبل الأجهزة الأمنية؟

يستغرب الطرابلسيون، وتحديدًا الصيادين وكل من يعمل بالرحلات البحرية في الميناء، كيف تمكنت المراكب من الخروج خارج المياه الإقليمية اللّبنانية دون أن يتم توقيفهم من قبل نقاط الجيش اللّبناني الموزّعة في عرض البحر، اذ أنّ الجيش يقوم عادةً بتنبيه قوارب الصيد في حال تجاوزها الحدود المسموحة ولو كان ذلك في منتصف اللّيل وفي عز الظلام الحالك، كما كان ملاحظًا كثرة التوقيفات لمراكب التهريب أثناء اندلاع المعارك في الداخل السوري.

هذا ويفيد أقارب المهاجرين من اللّبنانيين أنّ أولئك قد سدّدوا سلفًا مبلغ مليون ونصف المليون ليرة لبنانية ثمن ركوب الشخص الواحد في مراكب الهرب.

من ناحية ثانية، عُلم أن أحد المهربين، وهو من الجنسية السورية، كان قد باع متجرًا يملكه في إحدى ضواحي بيروت ليشتري مركبًا مجهّزًا ب جي بي اس ليحوّله مصدرًا لرزق سريع يجني منه الثروات على حساب من فقدوا الأمل بإيجاد كسرة خبزٍ في بلادهم.
الدولة اللّبنانية والتي لم يصدر عنها أي تعليق رسمي حول أنباء هجرة عشرات الأفراد من المواطنين، لن تتخذ ربّما أي إجراء فعلي لمنع هروب آخرين، في ظل أحاديث عن تساهل أمني مع خروجهم من الأراضي اللّبنانية.

بين لحظةٍ ولحظة، ستتخذ السلطات القبرصية القرار بإعادة جميع من وصلها من لبنان إلى الأراضي اللبنانية، في حين ستكون الكرة الآن في ملعب الدولة اللبنانية لاتخاذ اجراءات قاسية تنقذ ربّما الآلاف من الغرق في البحر إن قرروا إطالة رحلاتهم نحو شواطئ واسعة وآمنة لا تغلق في وجههم أبواب الحياة.

ماهر الدنا

ماهر الدنا

صحافي لبناني. يحمل شهادة الاجازة في الإقتصاد. عمل في العديد من وسائل الاعلام المحلية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى