منوعات

ماذا وراء تفويض رئيس “التيار الحر” للسيد نصرالله؟

خلط رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الأوراق في الوعاء الحكومي عبر “نداء الاستغاثة” الذي وجهه الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، معلنا عن انه يأتمنه على الحقوق المسيحية ومبديا الاستعداد ليقبل بما يقبل به “السيد”.
ولعل احتكام باسيل إلى نصرالله في النزاع الحكومي شكل مفاجأة للكثيرين ومن بينهم شريحة من أنصار التيار الحر، ذلك أن هذا الموقف أتى مترافقا مع انطباع سائد بأن علاقة الحزب والتيار أصبحت فاترة في هذه المرحلة تحت وطأة تباينات متراكمة في المقاربات السياسية.
وما عزز هذا الانطباع هو فتح “باب الاجتهاد” في التيار حيال التحالف مع الحزب، حيث ارتفعت أصوات عدة اخيرا تشكو من سلوك الحزب وتأخذ عليه عدم ملاقاته لباسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون بالمقدار المنتظر منه.
فجأة، ومن خارج هذا السياق، أطل باسيل ليمنح السيد نصرالله تفويضا كاملا في الملف الحكومي، معربا عن ثقته التامة في شخصه، ما يتعارض مع المزاج السلبي الذي كان قد بدأ يتكون لدى جزء من قيادة التيار وقواعد حيال حزب الله.
وهتاك من يعتبر ان موقف باسيل ينطوي على محاولة لإخراج الحزب من جزيرة الحياد التي يتحصن فيها منذ تكليف الحريري ودفعه الى حسم خياره في الخلاف بين رئيس الجمهورية والتيار الحر من جهة والرئيس سعد الحريري من جهة أخرى.
لكن الحزب سيتفادى على الارجح اي رد علني او “رسمي” على طرح باسيل، وسيسعى الى تجنب الانزلاق نحو الرمال المتحركة لعملية التشكيل، خصوصا انه ليس “صاحب الاختصاص” في هذا المجال، انما سيحاول في الوقت نفسه التقاط الإشارات الايجابية في نداء باسيل، والانطلاق من الثقة التي عكستها صرخته الموجهة الى “السيد”، لتفعيل الجهود التوفيقية على خطوط التوتر العالي الممتدة من قصر بعبدا وميرنا الشالوحي الى بيت الوسط وعين التينة.
وتؤكد شخصية قيادية في التيار الحر ان طرح باسيل لا يختزن اي مناورة سياسية، “بل هو ينطلق من اقتناع بصدق الأمين عام حزب الله وحرصه على المعايير العادلة.”
وتضيف: بمعزل عن بعض التمايزات الموضعية، نحن نعرف اننا والحزب في خندق واحد على المستوى الاستراتيجي، وان السيد نصرالله حريص على الوجود المسيحي في المنطقة وهو كما ساهم في حماية المسيحيين خارج لبنان فانه لن يقبل باستهدافهم داخله.
وتشدد الشخصية القيادية في التيار على أن باسيل لم يحسب حسابا للمزايدين وأصحاب المواقف الشعبوية عندما توجه برسالته الى السيد نصرالله، “اما الادعاء بأن المسيحيين منزعجين او متضررين من تصرفه فهو امر تظهر صحته من عدمها بعد الانتخابات النيابية المقبلة.”
وتلفت الشخصية اياها الى ان ما فعله باسيل يشبه ما فعله العماد ميشال عون عام 2009 عندما زار سوريا، “إذ حذره حينها البعض من ان هذه الزيارة ستنعكس عليه سلبا في الانتخابات القريبة فلم يأبه وأصر على قراره لانه كان مقتنعا بصوابيته.”
وتشير الشخصية البرتقالية الى ان من دوافع مخاطبة باسيل للحزب ان “مبادرة الرئيس نبيه بري غامضة وملتبسة، ولا نعلم أين تبدأ واين تنتهي، من دون أن يعني ذلك اننا لا نتفهم ظروف الحزب وخصوصية علاقته مع بري.”
وتشير الشخصية الى ان لديها شعور بأن الحريري لا يزال يتعمد إضاعة الوقت لانه غير جاهز بعد لحسم امره، متهمة اياه بانه أضاع بعد 17 تشرين 2019 فرصة استدراك الانهيار عندما استقال على رغم انه جرى التوافق آنذاك على خطة اصلاحية اقتصادية متكاملة لو نُفذت لاوقفنا الانحدار نحو الهاوية، “وها هو اليوم يواصل سياسة هدر الوقت والفرص لانه لا يريد تحمل مسؤولية اتخاذ قرارت صعبة على صعيد مواجهة الازمة الاجتماعية المتفاقمة ومشكلته الإقليمية التي باتت معروفة.”

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى