منوعات

شخصيات سنية “تنتفض” على جعجع

اذا كانت التقاطعات السياسية التي جمعت احيانا بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل قد سمحت لبعض الوقت في سمحت بارتفاع اسهم “القوات” داخل الطائفة السنية، الا ان خروج الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من المعادلة السياسية حتى إشعار آخر أظهر ان ما حصده سمير جعجع من قبول في تلك الطائفة كان سطحيا وظرفيا وبالتالي فهو بقي يعوم على سطح الوجدان السني ولم يتمكن من اختراق عمقه، كما تؤكد اوساط سياسية قريبة من الناقمين على جعجع في بيئة “المستقبل”.

وتشير تلك الاوساط الى ان جعجع ارتكب خطأين كببرين خلال وقت قصير في الآونة الأخيرة، الأول عندما اعتبر ان غالبية السنة تؤيده مميزا بينها وبين قيادتها السياسية والثاني عندما استعجل محاولة وراثة الحالة السنية بعد انكفاء الحريري.

وما رفع مستوى الاحتقان في قواعد “المستقبل” هو شعورها بأن سلوك جعجع كان مساهما في الحاق الأذى بالحريري، سواء على مستوى موقعه السياسي الداخلي او على مستوى علاقته مع السعودية، وبالتالي فإن لحظة خروج الحريري من المعترك السياسي نبشت كل هذا المخزون المتراكم من الاحتقان والنقمة ضد جعجع، وأطلقت شرارة فتح الملفات وتصفية الحسابات بمفعول رجعي.

ومع ان مساع جرت في الأيام الأخيرة لضبط الانفعال “المستقبلي” ضد معراب على قاعدة ان المستفيد الوحيد منه هو الخصم المشترك المتمثل في حزب الله والتيار الوطني الحر، الا ان حجم الجرح والشرخ بين “القوات” و”المستقبل” بقواعده وكوادره أصبح على ما يبدو اكبر من ان تتم مداواته ببعض المسكنات.

ويكشف المطلعون ان شخصيات سنية قريبة من “المستقبل” أبدت خلال لقاء جمعها أخيرا غضبا كبيرا على تصرفات جعجع، وذهبت بعيدا في الهجوم عليه.

ويوضح العارفون ان تلك الشخصيات التي تتوزع بين سياسي واقتصادي واجتماعي وتربوي عرضت خلال الجلسة التي جمعتها ما أسمتها “الطعنات” التي تلقاها المكون السني من جعجع على امتداد التجربة معه، بدءا من الانقلاب على الحريري للحؤول دون تكليفه برئاسة الحكومة او لإسقاط حكومة يترأسها كما حصل بعد انتفاضة 17 تشرين الأول حين استقال وزراء *القوات” بلا التنسيق معه، مرورا بالتحريض عليه في الرياض للإيقاع بينه وبينها، وصولا الى محاولة تأليب الرأي العام السني ضده، وقبل كل ذلك استعاد بعض المشاركين في اللقاء ما حصل من اغتيال للرئيس الشهيد رشيد كرامي.

وإزاء هذا الغضب الذي لم يقتصر على الجمهور بل تمدد الى النخب، هناك في الوسط السني المتعاطف مع الحريري من يدعو الى وجوب اتخاذ موقف حاد حيال اي مرشح سني يقبل ان يخوض الانتخابات بالتحالف مع “القوات” وعلى لوائحها.

اكثر من ذلك، ذهب البعض الى المطالبة بتطويق اي “وديعة” قواتية في تيار المستقبل، في إشارة الى الذين يروجون لضرورة استمرار العلاقة بمعراب وتخفيف حدة التوتر المستجد معها، على اساس ان المواجهة الأصلية هي ضد حزب الله والنفوذ الإيراني، ولا يجوز الانزلاق الى خلافات جانبية تضعف القوى المعارضة لمحور المقاومة والممانعة، قبل وقت قصير من موعد اجراء الانتخابات النيابية.

ويبدو ان الشخصيات السنية التي جمعها الاعتراض على جعجع هي على تنسيق وتشاور مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي سبق له ان أكد ان من يظن بأن البيئة السنية تحولت رزقا سائبا بعد عزوف الحريري هو مخطئ ويجب أن يراجع حساباته.

 

عماد مرمل

عماد مرمل

اعلامي ومقدم برامج لبناني. حائز على إجازة في الصحافة من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. عمل في العديد من الصحف السياسية اللبنانية. مقدم ومعد برنامج تلفزيوني سياسي "حديث الساعة" على قناة المنار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى