منوعات

لمن تعود المظلة التي تحملها بكركي في هذه المرحلة؟

طرح المراقبون والمتابعون منذ فترة تساؤلات عدة ولافتة حول هوية “المظلة” التي يحملها الصرح البطريركي الماروني في هذه المرحلة والتي خلقت “تفاوتات” في مضمون العظات والخطابات التي أطل بها البطريرك بشارة الراعي على المؤمنين واللبنانيين، والتي تأرجحت بين مهادنة العهد عند إنطلاقته، ثم إلى توجيه السهام الحادة للسلطات، مروراً بالدعوات إلى الحياد والتدويل، وصولاً إلى الزيارات المتكررة إلى قصر بعبداً خلافاً لما كان يعتمده أسلافه الذين كانوا يرفعون مبدأ :”أن البطريرك يُزار ولا يزور”!.

فالتركيبة الطائفية والمذهبية في لبنان منذ إعلانه كبيراً قبل مئة عام، تشير إلى أن رئاسة الحكومة لها “مسؤولية إدارية” و”مونة” سياسية على دار الفتوى، وأن المرجعيات السياسية الشيعية لها “كلمة مسموعة” في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وأن البيت الجنبلاطي “متحكم” بمسار ومصير مشيخة العقل الدرزية … وعلى هذا المنوال تتعايش الطوائف والمذاهب الأربعة عشر التي تندرج في تلك التركيبة باستثناء الطائفة المارونية التي رفعت منذ البداية شعارين:” أن مجد لبنان قد اعطي لبكركي”، وأن الدولة الفرنسية التي كانت مستعمرة للبلاد هي “الأم الحنون” للموارنة، نظراً للدور الذي لعبته باريس في رسم خارطة هذا المكون في هذا الشرق!.

ولكن مع إنحسار الدور الفرنسي منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي لصالح الولايات المتحدة الأميركية، بقي الصرح البطريركي الماروني متشبثاً بالقوة المعنوية لحاضرة الفاتيكان (التي ليس لديها دبابات) ويحاول التعامل بالقطعة مع الآخرين الذين يطمعون إلى أن يكون لهم دور مؤثر في هذه البقعة المشرقية.

فالذين كانوا يتابعون محاضرات “المطران” بشارة الراعي ومداخلاته في الشؤون السياسية والتربوية إضافة إلى اللاهوتية، علّقوا آمالاً كبيرة على دوره عندما أتيح له تسلم صولجان البطريركية ومن ثم الكاردينالية في إرساء خط بكركي الحافظ للخارطة اللبنانية ولانتشار أبنائها في القارات الخمس، مبتعداً عن أية تحديات لمكونات هذا المجتمع. الاّ أن تلك ال”تفاوتات” التي لاحظها أكثر من كاتب ومراقب (لا يحملون الهوية المارونية) دفعت الكثيرين إلى التساؤل عن لون “المظلة” التي تحملها بكركي في هذه المرحلة لأمرين: الأول صخب التدخلات الإقليمية والدولية في الساحة اللبنانية غير المؤهلة أصلاً لهذا الكم من التناقضات.

والأمر الثاني هو ان الحركة اللافتة داخلياً التي أحدثها البطريرك بُعيد تسلمه زمام بكركي، ومن ثم الجولات الخارجية التي شملت سوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة والمملكة العربية السعودية والعديد من دول الإغتراب. لا يجوز إطلاقاً أن تأتي نتائجها بما يُسجل حالياً، بل كان يجب ان يكون لها وقعها غير العادي في ما آلت اليه الأوضاع في لبنان. ويجب أن تكون هي المظلة التي يكون لها الدور المحوري في صيانة الكيان وليس البحث عن مظلة تساعد على إخراجه من أزماته لأن كل المظلات الأخرى تنطلق في الأساس من مصالح واستراتيجيات لا ولن تصب مطلقاً في صيانة المصلحة اللبنانية فقط لاغير!.

والاسئلة التي تزاحمت إثر هذه الصورة الضبابية توقفت عند السؤال الأبرز”مع التحولات الكبيرة جداً في هذا المشرق منذ عقد من الزمن ابتداء من “الربيع العربي” و”الفوضى الخلاّقة” و”داعش والنصرة” وما بينهما والاتفاقات الابراهيمية، هل كان غبطته بحاجة لطرح عناوين يُدرك جيداً في قرارة نفسه ان تحقيقها صعب اذا لم يكن مستحيلاً؟ وأنها قد تمر بدون أن تترك انعكاسات مقلقة على الوجود المسيحي في لبنان والمشرق، أو في أدنى التوقعات إهتزازه؟ فمن الذي وقف وراء ذلك، إذا لم نَقُل حرّض عليه؟ وما هي مصلحة الطائفة ومستقبلها بذلك؟.

مرسال الترس

مرسال الترس

اعلامي لبناني كتب في العديد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى