منوعات

منصة الدولار العتيدة: هل تثبت سعر صرف الليرة أمام الدولار؟

منذ أن تفجّر الوضع الاقتصادي والنقدي في لبنان، واندلعت أزمة هبوط سعر صرف الليرة أمام الدولار، بات السؤال الوحيد الذي يكرّره اللبناني ليلًا ونهارًا: بكم الدولار اليوم؟

وفيما يتصارع السياسيون على شكل الحكومة المرتقبة، يترقّب اللبنانيون انطلاق منصة مصرف لبنان، التي حسب التقديرات، سوف تضبط عمليات المضاربة وتتحكّم بسعر صرف الدولار. فقد بات الخوف لدى المواطنين هو سيد الموقف، إذ أصبح ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار الجنوني الناجم عنه، الهاجس اليومي لهم لما يتركه من تداعيات على وضعهم المعيشي. وباتوا غير آبهين بالصراعات السياسية، حتى أنهم تناسوا موضوع تشكيل الحكومة.

وبين وجهة النظر السياسية ووجهة النظر الاقتصادية، تباين واضح حول المسار الذي سيسلكه الدولار صعودًا، والسقف الذي سيبلغه.

فادي غصن: تحديد سعر صرف الدولار ممكناً

يقول الخبير في الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور فادي غصن لـ”أحوال”: “تُعتبر زيادة الكتلة النقدية سببًا أساسيًّا في زيادة التضخم، وقد بلغت 36 ألف مليار ليرة في شهر آذار، والمتوقع أن ترتفع في الأشهر القادمة. وأسباب هذا التضخم باتت واضحة، وهي طباعة العملة الوطنية لتغطية نفقات الدولة، وتعميم 151 الذي سمح بسحب الأموال على سعر صرف 3900 ليرة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل ينبغي وضع قانون “كابيتال كونترول”؟ والإجابة هي حتمًا نعم، حتى يتم ضبط السحوبات بالليرة وضبط تحويل الدولار إلى الخارج”.

ويتابع غصن قائلًا: “بحسب أرقام البنك الدولي لسنة 2019، فقد دخل إلى لبنان إيرادات من الموسم السياحي بقيمة 8.7 مليار دولار ودخلت تحويلات من المغتربين 7.4 مليار دولار، أي ما مجموعه تقريبًا حوالى 16 مليار دولار. وبالنسبة لسنة 2020، التحويلات المقدّرة بلغت 6.9 مليار دولار، أي لم تسجل إلّا انخفاضًا طفيفًا لم يتجاوز الـ 10% عن سنة 2019، ولا شك أنّ السياحة قد تأثرت بسبب فيروس كورونا المستجد خلال سنة 2020، والمتوقع هذه السنة مع زيادة نسبة التلقيح حول العالم، أن تنتعش السياحة كما في سنة 2019 وربما أكثر، إذ بحسب التقديرات، سيدخل إلى لبنان خلال هذه الفترة حوالى 5 إلى 6 مليارات دولار من خلال السياحة وتحويلات المغتربين”.

ويستدرك غصن قائلًا: “بالتالي إذا احتسبنا الداخل من العملات الأجنبية والذي يقدّر بـ 16 مليار دولار، وإذا حذفنا منه أموال الدعم وتمويل عجز الموازنة وتمويل عجز الكهرباء، وإذا احتسبنا الكتلة النقدية التي كما ذكرنا تقدّر بـ 36 الف مليار ليرة في شهر آذار، على سعر 10 آلاف ليرة للدولار الواحد، تكون قيمتها 3.6 مليار دولار، أي يمكن تغطيتها بالكامل من الأموال الداخلة إلى البلد، من دون المساس باحتياطي مصرف لبنان، إذا نظّمت هذه العملية كما ينبغي. أي بمعنى آخر، يمكن بكل سهولة لمصرف لبنان أن يشتري هذه الكتلة النقدية الفائضة في السوق، ويثبّت سعر الصرف على 10 آلاف ليرة اذا أراد ذلك”.

ويختم غصن قائلًا: “وبالنسبة للمنصة، حتى الآن التوقعات الدائرة في هذا الشأن تتمحور حول اشراك المصارف فيها من ناحية أعمال التصريف، ويُتوقع أن تبدأ العملة الصعبة بالدخول إلى المصارف من خلال اعمال الصيرفة هذه. وهناك احتمالان اثنان لا ثالث لهما، اذا فتحت المنصة للجميع يمكن أن تؤدي الى تثبيت سعر الصرف، أما إذا لم تفتح لجميع المواطنين لن يكون لها اي افادة وسيشكل سعرها أرضية للسوق السوداء الجديدة. إذا من الضروري هنا وعند إشراك المصارف في عمليات التصريف، عدم وضع قيود على هذه العمليات وفتحها للجميع، بالتالي لم يعد هناك تبرير لكلمة لا سقف لسعر صرف الدولار”.

 عبد الله: لا سقف للدولار إلا بخطة سياسية إنقاذية

للسياسيين وجهة نظر مغايرة لخبراء الاقتصاد، في ما يخص تحديد سقف لسعر صرف الدولار.

يقول النائب الدكتور بلال عبد الله لـ”أحوال”: “بالنسبة للتوقعات حول سقف الدولار، وقياسا للمناخ السياسي الحاصل، يبدو حكمًا أن لا سقف أمام صعوده، وذلك يعود لأسباب عديدة:

 أولاً، عدم دخول العملة الصعبة إلى البلد، وبالعكس الخروج المستمر لها وتهريبها عبر المعابر غير المراقبة وللأسف عبر بعض التجار.

ثانيًا، رفع الدعم الذي سوف يتمّ قريبًا، الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى رفع سعر صرف الدولار.

 ثالثًا، الشحّ المتزايد في العملة الصعبة في مصرف لبنان، وزيادة حجم الكتلة النقدية اللبنانية قياسًا للعملة الأجنبية. إذًا لا سقف في المدى المنظور لارتفاع سعر صرف الدولار. وكما بات واضحًا، عندما يزيد الانهيار أكثر تتسارع وتيرة ارتفاع العملة الصعبة”.

ويتابع عبد الله قائلًا: “من هنا لا يمكن ضبط سعر صرف الدولار إلّا بخطوة سياسية أساسية، من خلال تشكيل حكومة إنقاذية إصلاحية تقدّم برنامجًا إنقاذيًا لوقف الانهيار. وتبدأ بخطة اسنتهاض عبر إعادة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وحلّ المشاكل العالقة بين لبنان والمجتمع المالي الدولي، بخاصة بعد عجز الدولة دفع استحقاق “اليوروبوند”، والذي كان آنذاك بمثابة إعلان رسمي لإفلاس البلد.  بالتالي لا خلاص من هذه الأزمة إلّا من خلال برنامج (واقعي موضوعي-علمي –اصلاحي- مالي –اقتصادي)، يؤمّن التواصل مع المجتمع الدولي والمجتمع العربي، ليستطيع لبنان جلب المساعدات والقروض لإنعاش الحدّ الأدنى للاقتصاد الداخلي ووقف الانهيار الحاصل”.

ويختم عبد الله قائلًا: “للأسف في ظلّ التعنّت الداخلي والحسابات الفئوية والتجاذبات الحاصلة، وطموح الاستئثار بالسلطة، إضافة إلى العوامل الخارجية، بدايةً من المفاوضات الغربية -الأميركية –الإيرانية، والمسار الذي سوف تسلكه مع إدارة بايدن الجديدة، يبقى الحلّ الأمثل عبر الشروع بتسوية داخلية تؤجل الأمور الكبرى الاستراتيجية، وتحاول أن تنكبّ على الأمور الاقتصادية والمعالجات الإصلاحية الداخلية، لأنّ استمرار هذا الانهيار الاقتصادي، سيؤدي حتمًا إلى تفلّت أمني. فعلى لبنان أن يعيد صياغة علاقاته مع المجتمع العربي والمجتمع الدولي، للخروج من عزلته وتأمين حدّ أدنى من الاستقرار السياسي والأمني المفقود حاليًّا”.

غنوة طعمة

غنوة طعمة

صحافية لبنانية. حائزة على الإجازة في العلوم الإدارية والسياسية من جامعة القديس يوسف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى