منوعات

ماذا لو سحب نصف المجلس النيابي “الثقة” من الرّئيس ميشال عون؟

يتحدّث المقربون من رئيس الجمهوريّة ميشال عون عن نيّته عدم “التفرّج” على الوضع القائم، وأنّه بصدد البحث عن حلول تُخرج الملف الحكومي من حال الجمود الحاصل، مع العلم أن أبرز تمنّيات عون هي اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أو سحب التكليف منه.
بعد إشكال الإثنين، عادت “الرسالة الرئاسية” إلى المجلس النيابي إلى الواجهة، فبحسب الفقرة 10 من أحكام المادة 53 من الدستور يمكن رئيس الجمهورية  أن “یوجه عندما تقتضي الضرورة رسائل إلى مجلس النواب”، وهو ما فكّر به عون عبر الطلب من النواب التحرك كونهم هم من أعطى الحريري “مهمة تكليف الحكومة”، فهل يمكن أن تُفيد رسالة كهذه رئيس الجمهورية أم تنعكس عليه سلباً؟

الرسالة تزيد التعقيد ولا تُتيح الحل

يظن بعض المقربين من رئيس الجمهورية بأن مثل هذه الخطوة قد تكون مفيدة له، من خلال إحراج رئيس الحكومة المكلف أو سحب التكليف منه من قبل المجلس النيابي، لا سيما أن تكليفه كان هشّاً إذ حصل على أصوات 65 من أصل 120 نائباً، ولكن بحسب مصادر سياسية مطّلعة فهناك وجهة نظر أخرى تفيد بأن مثل هذه الخطوة قد يكون لها تداعيات سلبية على عون، نظراً إلى أنه لا يملك الأكثرية النيابية المؤيدة لوجهة نظره.

في لعبة الحسابات الدقيقة، فإن الحريري لا يزال يحظى بدعم 3 كتل نيابية أساسية هي: “التنمية والتحرير”، “اللقاء الديمقراطي”، و”المستقبل”، بالإضافة إلى مجوعة أخرى من النواب المستقلين أو الذين ينتمون إلى كتل صغيرة العدد، كمثل كتلة “المردة” و”القومي”، و”كتلة ميقاتي”، ونائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي، كذلك يملك تأييداً ضمنياً من نواب كتلة “الوفاء للمقاومة”.

في المقابل، ليس لدى رئيس الجمهورية من داعم مباشر له إلا تكتل “لبنان القوي”، حيث المرجح أن لا تذهب كتلة “الوفاء للمقاومة” إلى موقف حاد في هذا المجال، خصوصاً أن “حزب الله” يفضل أن يبقى على مسافة واحدة من الجميع في الإنقسام الحاصل حول الملف الحكومي، بينما الكتل الوازنة الأخرى، أي “الجمهورية القوية”، قد لا تكون داعمة في الموقف لرئيس الحكومة المكلف، لكن الأكيد أنها لن تكون داعمة أيضاً لرئيس الجمهورية، وربما تختار المقاطعة تحت عنوان أن المطلوب هو الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة.

ما تقدم يقود بحسب المصادر إلى معادلة أن الرسالة الرئاسية، في حال توجه بها عون إلى المجلس النيابي، لن تقود في أحسن الأحوال إلا إلى المزيد من الإنقسام السياسي، بينما الأخطر أنها قد تقود إلى تكريس موقف الحريري، وربما فتح الباب أمام رسائل من نوع أخرى، عنوانها البحث في دعوة رئيس الجمهورية إلى الإستقالة أو سحب الثقة منه.

ماذا لو…

لا يمكن “تقريش” الرسالة الرئاسية إلى المجلس النيابي الداعية لسحب التكليف قانونياً ودستورياً، ولكنها قد تحمل بُعداً معنوياً، إنما هذه اللعبة المعنوية قد تنعكس على الرئاسة سلباً، فماذا لو قرر نصف المجلس النيابي “سحب” الثقة من رئيس الجمهورية؟

تُشير المصادر إلى أن هذه الخطوة هي أيضاً خارج سياق القوانين والدستور، ولكنها بالسياسة ليست كذلك، فهي تعني محاصرة ميشال عون، فالمجلس النيابي الذي انتخبه رئيساً للجمهورية، لم يعد، أقله بنصف عدد أعضائه، يؤيده للرئاسة”، مشيرة إلى أن هذه الخطوة بُحثت كردّ محتمل على طلب عون من النواب سحب التكليف من الحريري.

وتؤكد المصادر أن رئاسة الجمهورية لم تلغ فكرة توجيه الرسالة للمجلس النيابي، ولم تؤكد حصولها، خصوصاً أن أبرز الخبراء الدستوريين أكدوا مراراً أن الدستور اللبناني لا ينص على سحب “ثقة التكليف” من رئيس الحكومة المكلف، ولا على مهلة للتأليف، ولو أن عدداً قليلاً من الخبراء يحاولون الربط بين مهلة الحصول على الثقة، والمحددة بـ 30 يوماً، ومهلة التأليف.

 

 

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى