سياسة

الترسيم على السكة الصحيحة والتوقيع إذا حسمت النقاط التقنية

السماح للبنان باستثمار ثروته مقابل إزالة التهديد لـ"الحقول الاسرائيلية"

بعد عقود من التفاوض وشد الحبال والمماطلة والتأجيل وضعت الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة على شفير الحرب، سلم الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية رسالة عبر السفيرة الأميركية في بيروت رسالة الى الرؤساء الثلاثة تتضمن نصاً لاتفاق ترسيم الحدود.

ووفق معلومات “أحوال” فإن المقترح المؤلف من عشر صفحات باللغة الانكليزية يتضمن ارقاماً واحداثيات تقنية وقد أحيلت نسخة منه الى قيادة الجيش لدراسته. كما تردد أن المقترح يتضمن فصلاً تاماً بين الترسيم البحري والبري واقراراً بعدم انسحاب أي نقطة بحرية يتفق عليها على أي نقطة برية قد تؤثر على ترسيم الحدود البرية لاحقاً.

وبعد اطلاع الرؤساء على مضمون النص المكتوب لم يصدر أي موقف منهم، يلفت مصدر رسمي لـ”أحوال” إلى أن ملف ترسيم الحدود وضع على السكة الصحيحة وهناك توجه رئاسي للقبول بالاتفاق مع بعض التعديلات الطفيفة التي لا تغير بمضمون النص مع موافقة ضمنية من حزب الله إذا وافقت الدولة.

وتعقد اللجنة التقنية اليوم اجتماعاً لبحث التفاصيل التقنية والاحداثيات والارقام التي تضمنتها رسالة الوسيط الأميركي على أن تضع تقريراً وترفعه الى رئيس الجمهورية، على أن يعقد عند الثالثة ظهراً لقاء بين الرؤساء الثلاثة بدعوة من عون لدرس التقرير ووضع الرد اللبناني لتسليمه الى هوكشتاين. ويضم الاجتماع التقني وفق المعلومات نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ومستشار برّي علي حمدان.

وعلم موقعنا أن لبنان وفور توقيع الاتفاق سيقوم بالطلب من الشركات الملزمة متابعة التنقيب تمهيداً للاستخراج وتكليف شركة ثالثة مكان شركة “نوفاتك” التي انسحبت من “كونسورسيوم النفطي”.

ووفق المعلومات نفسها، فإن اللجنة التقنية ستبحث اليوم الاحداثيات على الخريطة ومدى تطابقها مع الاحداثيات التي يعتمدها لبنان، لما لذلك من تأثير على حدود الحقول والمساحة العائدة الى لبنان في المياه الاقليمية وفي باطن الأرض فضلاً عن تطابق الخط البحري مع الحقول.

ويوضح الرئيس السابق للوفد اللبناني في المفاوضات الثلاثية في الناقورة، اللواء عبد الرحمن شحيتلي لـ”أحوال” أن “نص الرسالة الأميركية عبارة عن ترتيبات مؤقتة تسم بالاستفادة الاقتصادية من طرفي النزاع اللبناني والاسرائيلي، ووفق اتفاق رابح – رابح، بإزالة الفيتو الخارجي عن استثمار لبنان لثروته النفطية والغازية، مقابل إزالة التهديد الامني لاستخراج الحقول الغازية لدى الاحتلال، مع تحديد حدود الحقول في كلا الجانبين والخط الذي سيتفيد منه لبنان شمالاً وتستفيد منه اسرائيل جنوباً، لكن النص لا يرقى الى اتفاق على حدود بحرية، وبالتالي لا اتفاقية حدود بين الطرفين لأنها يجب أن تعرض على مجلسي الوزراء والنواب في لبنان لتوقيعها.

ويُحذر شحيتلي من وجود أفخاخ في النص كون التجارب التفاوضية التي خضناها مع العدو مليئة بـ الأفخاج التقنية والقانونية. ويمكن أن تحذف اسرائيل كلمة ما أو تضيف عبارة قابلة للتأويل وتفسر بأكثر من معنى. ودعا اللجنة النفطية وخبراء الجيش الذين سيجتمعون اليوم في بعبدا الى التدقيق بأمرين أساسيين:

*مطابقة الاحداثيات في النص الأميركي مع الاحداثيات التي سبق وسلمها لبنان للوسيط الأميركي والتي تثبت كامل حقوقه في الخط 23 وحقل قانا كاملاً وجميع الحقول الواقعة ضمن هذا الخط، والتدقيق بكافة التفاصيل التقنية فور تطبيق الاتفاق.

*التوقيع على نسخة الاتفاق بعد أن يوقع عليها الاسرائيلي والتأكد من أن النسخة هي نفسها التي وقع عليها الطرفين لكي لا يوقع العدو على نسخة ولبنان على نسخة ما يسمح للعدو بالتنصل من الاتفاق، كون تاريخ العدو حافل بزرع ألغام وأفخاف في نصوص ومستندات الاتفاقات

ويضيف: في حال تطابقت الإحداثيات في نص الرسالة مع الاحداثيات التي اعتمدها لبنان والخط 23 الجديد فعلى وزير الخارجية سب آخر رسالة أرسلها للامم المتحدة حول الخط 23، أما اذا كانت غير متطابقة فعلى لبنان إعلان حدوده طبقاً للخط 23 الجديد وعلى اسرائيل ايضاً أن تعلن الاحداثيات الجديدة.

ويشير شحيتلي الى أن تسليم النص المكتوب خطوة هامة جداً وتفتح المجال أمام لبنان لاستثمار ثروته ومعالجة مشكلاته الاقتصادية.

وعن النقطة بـ1 البرية وتأثيرها على ترسيم الحدود البحرية فيشير شحيتلي الى منطقة عازلة بحرية بين الطرفين لطالما كانت مطلباً اسرائيلياً دائماً، أي الابتعاد عن أخر نقطة برية قريبة من البحر مسافة 3 اميال أي 4500 متر، وهذا ما طرح عندما كنت رئيساً للجنة التفاوضية ولم أقبل وطلبت إزالة خط الطوافات البحرية، كما سبق للوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف أن طلب مساحة بحرية فاصلة عن اليابسة.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى