سياسة

“سيناريوهات” متضاربة حول مصير الانتخابات و”الأكثرية” تتحكم بالمعادلة

مخطط لرفع سعر "الدولار" لـ 40 ألفاً وتفجير الشارع لتطيير استحقاق 15 أيار

يعيش لبنان سباقاً بين إجراء الانتخابات النيابية وبين الانفجار الشعبي في الشارع، تحت ضغط الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، قبيل شهر واحد من موعد الاستحقاق في 15 أيار المقبل.

فهل ستجري الانتخابات في موعدها؟ أم ستحصل تطورات وأحداث ستؤدي إلى تطييرها؟

مجموعة مؤشرات ومعطيات تجمعت لدى المعنيين بالشأنين الانتخابي والسياسي وطفت على سطح المشهد الداخلي، تُنّذِر بخطر داهم يحدق بهذا الاستحقاق، وهنا يبرز سيناريوين لمصير الانتخابات:

الأول: أن كافة القوى السياسية لديها مصلحة بإجراء الانتخابات لكونها تراهن على رفع حاصلها النيابي وبالتالي نفوذها وموقعها التفاوضي في معادلة الاستحقاقات المقبلة، فضلاً عن علم الجميع بأن الانتخابات هي المدخل لحثّ صندوق النقد الدولي والجهات المانحة والمجتمع الدولي على دعم لبنان لإنقاذه من أزمته واستعادة نهوضه الاقتصادي.

هذا التوجه الداخلي يتلاقى مع إرادة خارجية أميركية – أوروبية – خليجية لإنجاز الاستحقاق، تطبيقًا لمعايير الديمقراطية والتغيير واستمرار العجلة السياسية، بالتوازي مع تكوين سلطة جديدة من ثنائي مجلسي النواب والوزراء، يمكنها متابعة التفاوض مع صندوق النقد للحصول على 3 مليار دولار.

والرهان الأهم للخارج خاصة الأميركي على خروج فريقه في لبنان بحصة وازنة تتراوح بين الثلث والنصف لتوسيع النفوذ الخارجي في الساحة اللبنانية والتحكم أكثر باستحقاقات أربعة مقبلة:

-رئاسة المجلس النيابي وهذا يحتاج إلى نصاب الثلثين لانعقاد الجلسة
-تكليف رئيس للحكومة يحتاج الى أغلبية نيابية وميثاقية سنية لاجتياز هذا الاستحقاق
-تأليف حكومة ومنحها الثقة النيابية يتطلب أكثرية وازنة
-انتخاب رئيس للجمهورية يحتاج الى نصاب الثلثين في الدورة الأولى

ويجري العمل بحسب مصادر مطلعة على الساحة السنية، على دوائر طرابلس وعكار وبيروت الثانية، لكسب أكبر عدد من المقاعد السنية.

ويتحدث المتفائلون لـ”أحوال”، عن مناخٍ دولي – إقليمي مُشجع ترجم بحوارات أميركية – فرنسية – سعودية – إيرانية على جملة ملفات في المنطقة، ومن ضمنها الملف اللبناني، وسط حديث عن دور فرنسي كبير يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون ومعه الأوروبيون للحفاظ على الاستقرار السياسي الاقتصادي والأمني في لبنان لأسباب عدة، أهمها ما أفرزته الحرب الروسية – الأوكرانية من تحولات اقتصادية تمثلت بالبحث الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط عن بديل للغاز الروسي، فوقع الاختيار على الثروة النفطية اللبنانية لتكون البديل، وهذا يتطلب حداً أدنى من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني لبدء الشركات الأجنبية باستخراج النفط والغاز اللبناني ليجري تصديره إلى أوروبا.

وثمة من يقول إن العودة الخليجية إلى لبنان والتي تزامنت وتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد، ليست بعيدة عن هذه “التسوية”، مع معلومات عن قرار سعودي بوضع وديعة بثلاث مليار دولار في مصرف لبنان. ويجري الهمس والغمز في الكواليس بأن التسوية الخارجية وانطلاق عملية النهوض ستبدأ قبيل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي.

في المقابل، يرسم المتشائمون مشهدًا معاكسًا، ويرجحون سيناريو تأجيل الانتخابات لأسباب عدة، مستندين إلى تغير الحسابات والمصالح الأميركية والخليجية في لبنان.. فهدفهم الرئيسي من الانتخابات، حصد فريقهم في لبنان على الأغلبية النيابية وهزيمة فريق المقاومة والتيار الوطني الحر، لإحكام السيطرة على البلد واستعادة الساحة اللبنانية كورقة تفاوض مع طهران وموسكو ودمشق وحزب الله.

ويتلمس هؤلاء مؤشرات سلبية عدة على تأجيل الانتخابات:

أزمة الخبز. وإن نجحت التدخلات السياسية لدى مصرف لبنان بمعالجة مؤقتة باستخدام 15 مليون دولار من حساب السحب لدى “صندوق النقد”، في ظل رفض حاكم البنك المركزي فتح اعتمادات إلا بعقد “استقراض”؟، لكن الخبراء الاقتصاديون يؤكدون أن هذا المبلغ لا يكفي لسد حاجة لبنان لأسبوعين بالحد الأقصى، وبالتالي الازمة ستجدد على أبواب شهر أيار المقبل، لا سيما وأن لبنان يدفع 150 مليون دولار سنويًا لاستيراد القمح، هذا كان قبل ارتفاع أسعار القمح عالمياً فكيف بعده؟

-تأكيد أوساط نفطية بأن أزمة المحروقات ستعود الى الواجهة بعد أسبوعين بسبب رفض مصرف لبنان فتح اعتمادات

-معلومات أمنية عن مخاوف من افتعال توترات وأحداث أمنية في مناطقة ذات حساسية معينة

إضراب قطاعات عدة من القضاة الى موظفي القطاع العام والأساتذة الذين سيشاركون في تنظيم العملية الانتخابية

عجز الدولة عن تأمين الكهرباء في مختلف المناطق

-الارتفاع المفاجئ لسعر صرف الدولار ما فوق الـ25 ألف ليرة من دون أي تفسير منطقي وعلمي.

وتتحدث مصادر سياسية عن مخطط بين السفارة الأميركية وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لرفع سعر صرف الدولار الى 30 وأربعين ألف ليرة في أيار المقبل، في ضوء المخطط الذي كشف عنه السيد حسن نصرالله منذ يومين بأن السفارة الأميركية وقوى سياسية داخلية يسعون لتطيير الانتخابات بعدما اكتشفوا بأن فريق المقاومة سيحصد الأغلبية النيابية.

ويخلص المطلعون للتحذير من اندلاع هذه الأزمات الحياتية دفعة واحدة في بداية أيار الذي يصادف عيد العمال. فهل يكون هذا التاريخ موعداً لانفجار شعبي كبير في الشارع يطيح بالانتخابات ويعيدنا إلى مشهد 17 تشرين 2019؟.

محمد حمية

محمد حمية

صحافي وكاتب سياسي لبناني. يحمل شهادة الماجستير في العلاقات الدولية والدبلوماسية من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى