بايدن وجهاً لوجه أمام الإسلاموفوبيا في أميركا
منذ أطلق حملته الانتخابية، أكدّ الرئيس الأميركي جو بايدن أنّه سيتابع مع المسلمين الأميركيين، تلبية احتياجاتهم ومخاوفهم المشروعة. وقال حينها: إنّنا في معركة من أجل روح هذه الأمة- لإثبات أنّنا لسنا البلد الذي يعتقد دونالد ترامب أنّنا كذلك؛ إذ نؤمن بمعاملة الجميع بكرامة واحترام، ولا نعطي الكراهية ملاذاً آمناً، ولا نشيطن أحداً- لا الفقراء، ولا الضعفاء، ولا المهاجرين؛ معلناً بذلك أنّ أميركا يجب أن تكون منارة للأمل، حيث يمكن للناس من جميع الخلفيات والثقافات والأديان أن يعيشوا بحرية دون خوف أو ترهيب.
اليوم وبصفته رئيسًا، تؤكد مصادر مطّلعة أنّه سوف يحمي الحقوق الدستورية والمدنية للمسلمين الأميركيين، حيث سيسعى إلى تكريم تنوّع المجتمعات المسلمة الأميركية، لناحية ضمان الرعاية الصحية الكافية، وخلق بيئة تعليمية آمنة، وإعادة بناء الاقتصاد بطبقة وسطى أكثر مرونة وشمولية؛ وجعل المجتمعات أكثر أمانًا.
فما هي الخطوات التي وعد بايدن القيام بها تجاه الأميركيين المسلمين، وهل باشر بتطبيقها؟
الحقوق الدستورية والمدنية
في 27 كانون الثاني (يناير) 2017، شنّت إدارة دونالد ترامب هجومًا على المسلمين واللاجئين، من خلال إغلاق أبواب أميركا أمام المهاجرين الذين غالبًا ما يفرّون من أصعب مناطق الصراع في العالم، وذلك بسبب عقيدتهم. ووصف متابعون أميركيون حينها، منع المسلمين من دخول البلاد، بالخطأ الأخلاقي، حيث لا توجد معلومات استخبارية أو أدلة تشير إلى أنّه يجعل أميركا أكثر أمانًا، واعتبروها إساءة استخدام للسلطة من قبل إدارة ترامب، تهدف في المقام الأول إلى استهداف المهاجرين أصحاب البشرة السوداء.
في هذا الشأن، نفّذ الرئيس جو بايدن وعده منذ اليوم الأول لاستلامه مهامه، وذلك في خطوة معاكسة لسياسات الهجرة المتعددة، التي شكّلت حجر الزاوية في فترة سلفه في البيت الأبيض. إذ من بين 17 أمرًا ومذكرة وإعلانًا، وقّع بايدن على ستة منها تناولت الهجرة.
وفيما اعتبر الرئيس الجديد أنّ السياسة المتبعة هي تمييزية بامتياز، وقّع على أمر تنفيذي ينهي حظر السفر على المواطنين من أكثر من اثني عشر دولة، بما في ذلك إريتريا واليمن ونيجيريا والسودان.
احترام تنوّع المسلمين
غالبًا ما تطغى قوى الإسلاموفوبيا على تنوّع المجتمعات المسلمة الأميركية، خاصةً عندما يؤجج أولئك الذين في مواقع القوة نيران الكراهية والتعصب. مواجهاً الإسلاموفوبيا، وعد بايدن أنّه سيعيد تقاليد إدارة أوباما في تكريم المجتمعات الأميركية؛ وسيبدأ باستعادة احتفال البيت الأبيض وشغل منصب مسؤول الاتصال بين المسلمين الأميركيين في مكتب التواصل العام بالبيت الأبيض_وكلاهما ألغاهما دونالد ترامب؛ وذلك لضمان سماع مجموعة واسعة من الأصوات الإسلامية الأميركية داخل إدارته. وعيّن جو مستشارًا أول لمشاركة المسلمين في حملته الرئاسية، وسيبني على ذلك من خلال ضمان أن تعكس إدارته تنوّعاً عبر جميع الوكالات الفيدرالية. كذلك، سيقوم بتعيين مبعوث خاص إلى منظمة التعاون الإسلامي.
حصول المسلمين على رعاية صحية
وقف جو بايدن بجانب الرئيس أوباما عندما وقّع قانون الرعاية الميّسرة ليصبح قانونًا صنع التاريخ في أميركا. اللافت أنّه بسبب Obamacare، لم يعد أكثر من 100 مليون شخص – بما في ذلك العديد من الأميركيين المسلمين- مضطرين للقلق على أنّ شركة التأمين سترفض التغطية أو تفرض أقساطًا أعلى على الأفراد. ومع ذلك، حاول الرئيس السابق دونالد ترامب في المحكمة، إعلان عدم دستورية قانون الرعاية الميّسرة وإلغاء هذه الحماية.
فيما لدى بايدن خطة للبناء على قانون الرعاية الميّسرة من خلال منح المسلمين الأميركيين المزيد من الخيارات، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، وجعل نظام الرعاية الصحية أقل تعقيدًا؛ سواءً تمت تغطية شخص ما من خلال صاحب العمل، أو شراء التأمين بمفرده، أو الذهاب بدون تغطية تمامًا، فإنّ خطة بايدن ستمنح الأميركيين المسلمين خيار شراء التأمين الصحي العام مثل “Medicare ” الذي يقلّل التكاليف ويحسّن فعالية وجودة الرعاية. سيقوم أيضًا بتوسيع الوصول إلى Medicare عن طريق خفض سن الأهلية إلى 60.
تخفيض عدد المساجين
وفقًا لتقرير صدر عام 2019 عن منظمة Muslim Advocates، فإنّ المسلمين الأميركيين يشكّلون 9٪ من نزلاء سجون الولاية، على الرغم من أنّهم يشكلون 1٪ من إجمالي عدد السكان. في كثير من الأحيان، لا يتم تسهيل ممارسة طقوسهم الدينية واحتياجاتهم التأهيلية أثناء وجودهم في السجن.
في هذا الإطار، سيضمن بايدن أن تستخدم وزارة العدل الأميركية تحقيقات روتينية، وإصدار قرارات لمعالجة سوء السلوك المنهجي في إدارات الشرطة ومكاتب المدعين العامين. كما سيكرّس المزيد من الموارد للحفاظ على العائلات والمساجد في مأمن من هجمات الإسلاموفوبيا.
إصلاح نظام الهجرة
وعد جو بايدن أنّه في أول 100 يوم له كرئيس، سيعمل بعكس “سياسات إدارة ترامب القاسية والعديمة المعنى التي تفصل الآباء عن أطفالهم على الحدود الأميركية”، في خطوة لمالجة الأزمة الإنسانية، واستعادة قوانين اللجوء. بالإضافة إلى حماية الأشخاص الفارين من الاضطهاد، والذين لا يستطيعون العودة إلى ديارهم بأمان، وحماية المهاجرين وعائلاتهم، والأمر بمراجعة فورية للحالة المحمية المؤقتة للسكان الضعفاء الذين لا يستطيعون العثور على الأمان في بلدانهم التي مزّقتها أعمال العنف أو الكوارث، وضمان أنّ سلطات الهجرة والجمارك وحماية الحدود تلتزم بالمعايير المهنية وتخضع للمساءلة عن المعاملة اللاإنسانية. كما وعد أنّه سيؤسس حظرًا لمدة 100 يوم على عمليات الترحيل، لأولئك الذين يعيشون ويعملون بالفعل في الولايات المتحدة. كما قال إنّه سيضع رأس مال سياسي حقيقي في تمرير إصلاح الهجرة التشريعية، الذي يوفّر خارطة طريق للمواطنة لـ 11 مليون مهاجر غير مسجّلين.
في هذا السياق، كشفت وكالة رويترز أنّ الرئيس بايدن يعتزم التوقيع على توجيه لتحديث نظام الهجرة الأمريكي يوم الثلاثاء.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جين بساكي: “يوم الثلاثاء، سيلقي الرئيس بايدن تصريحات، ويوقّع أمرا تنفيذياً يدفع بأولوياته لتحديث نظام الهجرة لدينا”.