بين التسطيح والرعونة: رخصة “رسالات” بدلاً من السلاح؟

فجأةً ومن دون مقدمات تتحول الأنظار من الجنوب، القضية المركزية، الى صخرة الروشة، معلم السياحة والتراث وذكرى الشهداء إلى قضية إشكالية، فكيف للأمم أن تتلهى بالقشور وتتحول معالم لبنان وجماهيره من القضايا المحقة إلى حلبة صراع على… صورة،،،،، تدحرج معنوي كبير: من لبنان اللاعب الأول في شرق أوسط إلى زواريب الداخل.
لا نعلم علم اليقين من حرك ولعب بقصة صورة صخرة الروشة وحوّلها الى قضية القضايا وهي التي تقرر مصير لبنان وشعبه بملايينه الخمسة، ولا نعلم علم اليقين من أفتى للحزب ولرئيس الحكومة، كلٌ على حدى، بتحويل الرأي العام عن مسارات أساسية الى الهامشية؟.
من جهة الحزب فإن تغييراً كبيراً قد وقع، لعدة أسباب أولها غياب معظم القيادة التاريخية فجأةً وتهشم غرفة العمليات والادارة المركزية في متابعة الملفات وتوزيع المهام وبناء رؤية متماسكة، وهذا أمر طبيعي في ظل ما تعرض له الحزب من ضربات عنيفة جداً يمكنها أن تُسقط دول،،،،
ولكن
أيضاً لا نعلم علم اليقين أي نتيجة يمكن أن يربحها الحزب بالتركيز على قضية “صخرة الروشة” وإن كانت الأحداث قد تدحرجت بسرعة وبسبب التحدّي وعلى قاعدة تنفيذ الكلام، ولكن هل تُبنى السياسات العامة وقيادة الناس فقط بالـ”المجاكرة”؟؟؟.
أياً كانت الأسباب والتحديات فإن القضية برمتها إتخذت أبعاداً أكثر بكثير من قيمتها، ولا قيمة فعلية لها سوى زيادة الشرخ ومنح رئيس الحكومة نواف سلام شرعية بيروتية أو مذهبية أو تبييض صفحته مع الرعاة لا داعي لها وكان يمكن حلها بالتي هي أحسن.
ما يبكي فئة كبيرة من اللبنانيين أننا كنا جزء اساسي من قوة تحريك الشرق إلى فئة تائهة دون وجهة في أزقة منطقة الروشة،
وما يبكي هذه الفئة أكثر أن حكومة فيها ما يكفيها من الرعونة وعلى رأسها تصرفات رجل “نزق” يرى الأمور من منظار ضيق ومحدود لا تتعدى الحقد الشخصي ويواكبه بذلك مجموعة من “رجالات دولة” يتلعثمون بالتعبير والتصرف من أمثال وزراء الخارجية أو العدل أو غيرهم ممن يزايدون على طلبات الأميركيين أنفسهم وقرار “تفييش” كل صاحب معاملة ادارية محلية إن كان على لوائح العقوبات الاميركية خير دليل،
ألهذا الدرك قد وصلنا حين تحولت “عراضة” الروشة ذريعة ومادة دسمة لكلا الفريقين لإبعاد الأنظار عن قضايا أساسية لم يحلموا بها يوماً؟ ما يعني أن مجموعة مثل هذه التي وصلت الى السلطة بـ”صدفة مدروسة” يمكن أن تودي بالبلاد الى حرب أهلية ولا يرف لها جفن.
وبالعودة الى أساس القضية، أن تتحول مناسبة ذكرى الشهداء الكبار الى مادة سجال أو “ميني حرب” ولا تتوقف آلة الاعلام عن التعبئة وبالنتيجة بلاد على طريق الخراب والتفتت والانهيار الاقتصادي والنقاش محصوراً بجنس الملائكة؟
لذا يبدو ان وضع خطة سحب رخصة جمعية رسالات له بعد عقائدي يحجب عن “رجالات الدولة” وعيها بأنّها جمعية ذات وجه ثقافي وإبداعي جميل، جريمتها أنها مدعومة من حزب سياسي، حتى لو وُجدت مخالفة قانونية مثلاً في إضاءة الصخرة، فمكانها القضاء، لا المنع وكمّ الأفواه.
أخيراً
هل تستبدل حكومة نواف سلام مسألة حصرية السلاح بنزع رخصة رسالات؟ هكذا تضرب حجراً بعدة عصافير وأهمها كم أفواه مثقفة ومقاومة واستبدالها بأصوات مذهبية وبدلاً من رسالات جامعة أهلاً بكم في زواريب مناطقية….
لا داعي لكل هذه الهمروجة من الأساس طالما أن تواتر المعطيات يشي بنهاية حملة قطع رأس الحزب وتفتيته وأفق الحوار في المنطقة مفتوح من عدة أبواب