منوعات
هذه حقيقة ما يريده الرئيس الفرنسي من لبنان
يزور الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لبنان في 22 و 23 كانون الأول الحالي، وهذه الزيارة الثالثة من نوعها خلال اشهر قليلة، ستتم فوق أنقاض دولة منهارة، لم يبق منها سوى فتات المؤسسات والقدرات.
وتوحي كل المؤشرات بصعوبة التمكن من تشكيل حكومة جديدة قبل وصول ماكرون، على الرغم من الضغط الفرنسي في هذا الاتجاه وتاكيد جميع القوى الداخلية تمسكها اللفظي بالمبادرة الفرنسية التي باتت تحتاج إلى من ينقذها بدل ان تكون هي المنقذة، بعدما تم استهلاكها واستنزافها في الزواريب اللبنانية الضيقة.
وإزاء اصرار الاطراف الداخلية على الاستمرار في التلكؤ في تشكيل الحكومة، من دون مراعاة خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يمر فيها لبنان، هناك من يتوقع ان يلجأ ماكرون الى اختصار برنامج لقاءاته في رسالة امتعاض من سلوك السياسيين اللبنانيين.
ويأمل المتعلقون بـ”حبال الهوا” في أن تشكل زيارة ماكرون عنصرا ضاغطا على اللاعبين اللبنانيين في اتجاه تشكيل الحكومة وتحقيق إنفراج سياسي، أقله من باب احترام ما يمثله الرئيس الفرنسي من رمزية ووزن وتقديرا لزياراته المتلاحقة الى لبنان خلال وقت قصير على الرغم من انشغالاته الكثيرة كرئيس لواحدة من أهم الدول الاوروبية، فيما يستبعد آخرون ان يحدث حضور ماكرون فارقا اساسيا على مستوى معالجة المأزق الحكومي انطلاقا من ان “شرش الحياء” مقطوع لدى الطبقة السياسية ولا تأخذ في الحسبان سوى مصالحها.
لكن، وعلى الرغم من الخيبات الفرنسية المتلاحقة منذ أن اطلق ماكرون مبادرته الشهيرة، فان مصدرا واسع الاطلاع وقريب من إحدى المرجعيات السياسية الاساسية يؤكد في مجلس خاص ان ماكرون لن يعلن عن انسحابه من الملف اللبناني، وسيتجاوز الانتكاسة القوية التي تعرضت لها مبادرته وهيبته، لان ما يحركه يستحق تحمل ميوعة السياسيين اللبنانيين ودمهم الثقيل.
ويلفت المصدر الى ان الفرنسيين لن يفرطوا بمصالح حيوية في لبنان الذي يكاد يكون ملاذهم الاخير على شاطئ المتوسط بعدما تراجع دورهم في عدد من ساحات المنطقة.
ويعتبر المصدر ان ماكرون اختار العودة القوية الى لبنان عبر بوابة مئوية تأسيسه، ليستثمر فيه وليس ليرحل عنه بهذه البساطة، مؤكدا ان الحكومة هي تفصيل في حسابات باريس وليست في حد ذاتها اولوية لها، بل الأهم بالنسبة اليها هو ما بعد تشكيلها، حيث يطمح الفرنسيون الى الحصول عبر شركاتهم على حصة الاسد في المرفأ والاتصالات والطاقة والنفط، وهذا هو بيت القصيد الذي يفسر اهتمامهم ببعض الحقائب الوزارية حصرا وحرصهم على أن يكون لهم دور في اختيار الوزراء الذين ستناط بهم تلك الحقائب، إضافة إلى أن لديهم مرشحهم الجاهز لحاكمية البنك المركزي.
ويشدد المصدر على أن ماكرون يعرف أن الاستثمارات الضخمة في لبنان هي التي يمكنها ان تساهم في تعزيز وضعه السياسي والانتخابي في داخل فرنسا، وليس اي شيء آخر، وبالتالي فان الحكومة الجديدة ليست غاية وإنما هي وسيلة لتسهيل هذا التمدد الاستثماري.
ويشير المصدر الى ان باريس لا تريد ان تخسر علاقتها بعون الذي يمكن أن يكون التفاهم معه ضمانة لمصالحها الاستثمارية، وبالتالي فإنها ستتجنب قطع الجسور بينها وبينه.
عماد مرمل