انتخابات

كيف تستعدّ جبهات الانتفاضة للانتخابات النيابية؟

تسابق مجموعات الحراك المدني الوقت قبل أشهر من الانتخابات النيابية للتحضير لمواجهة صعبة مع قوى السلطة.

وقد شابت أداء تلك المجموعات سلبياتٌ عديدة خرقت المناخ الإيجابي الذي ولّدته منذ تاريخ 17 تشرين الأول 2019، لعلّ أهمها انقساماتها وتنافس شخصياتها وهو ما سيستمر طويلا وما تحاول المجموعات الحدّ منه عبر تكوين جبهات جامعة تخوض عبرها معاركها في وجه “المنظومة الحاكمة”.

حتى الآن، تبرز على المسرح الحراكي جبهتان تضمان الكثير من المجموعات والشخصيات من مناطق مختلفة، وسط ترقب لولادة جبهات أخرى في المستقبل، إلى جانب إئتلافات وتجمعات قيد الدرس.

“13 نيسان”: بحث البرنامج

يحضر هنا “نداء 13 نيسان” وهو عنوان جبهة شكلتها مجموعات عرفها اللّبنانيون في السنوات الماضي لكنها تجمعت لإطلاق صرختها من مقر “حزب الكتلة الوطنية” الذي ينشط كثيرا في أوساط الانتفاضة. ويبرز هنا ناشطون مثل النائبة المستقيلة بولا يعقوبيان وواصف الحركة وحليمة قعقور وغيرهم في إطار المجموعات الأهم في الانتفاضة مثل “المرصد الشعبي لمحاربة الفساد” و”تحالف وطني” و”بيروت مدينتي” و”ثوار بيروت” و”شباب طرابلس” و”منتشرين” و”شباب 17 تشرين” و”ستريت” و”زغرتا الزاوية” و”زحلة تنتفض” و”لقاء البقاع الثوري” ومجموعات أخرى مرتقبة من المناطق التي ستنشط فيها الجبهة في المقبل من الأيام.

تخطط هذه الجبهة التي لم تُعرف بكونها كذلك مع إشارتها إلى أنّها ستتخذ شكل الجبهة مع الوقت، للتوسع نحو المناطق مثل البقاع والشمال طرابلس خصوصًا، حيث يلاحظ أنّها تتقدم على غيرها من الائتلافات وثمّة عمل تقوم به مجموعاتها للتنسيق مع مجموعات عاصمة الشمال وهو ما حصل فعلًا خلال أحداث طرابلس قبل أشهر.

لكن يبدو أنّ هذه الجبهة تسير ببطء وتعيبها نقاشات حول كماليات “الثورة” ولم تتفق حتى اللّحظة على ميثاقها السياسي النهائي، كما أنّ نقاشًا يحصل بين أكاديميين حديثين في السياسة فيها وخبراء قدّموا من مشارب حزبية حول الشكل الهرمي الذي يجب على الجبهة أن تتخذه.

إلّا أنّ ثمّة اتفاق قيد الإنجاز بين القوى والتنظيمات الثورية والسياسية التغييرية، حول المضمون، أي البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الإنقاذي. وذلك عبر البناء على زخم “ثورة 17 تشرين”، كبديل عن “نهج الطائفية والزبائنية والفساد والتبعية للخارج الذي اعتمدته المنظومة منذ عقود”. وفي هذا الوقت ثمّة اتفاق على أسماء بعض المرشحين من إعلان ذلك وتتردّد أسماء يعوقبيان والحركة وقعقور وأخرى خبرت الموضوع سابقاً.

داغر: توحيد المعركة

في موازاة ذلك، تقوم الجبهة التي يشكل حزب “الكتائب” جزءًا هامًا منها.

ويشير الأمين العام للحزب سيرج داغر لـ”أحوال”، أنّها لا تتعارض مع “نداء 13 نيسان” “فنحن في الأصل نتواجد في جبهة المعارضة اللّبنانية مع مجموعة من الأحزاب والشخصيات ومجموعات، ونتواصل مع “نداء 13 نيسان” وهم يعملون أيضا على إطار جامع، وهذا التواصل بيننا مستمر منذ زمن مع “الكتلة الوطنية” التي تنضوي في تلك الجبهة وعلاقتنا معها أيضًا متقدمة جدًا كما نحتفظ بتواصل مع مجموعات أخرى فيها”.

ويلفت النظر إلى أن تواصل الجبهتان الهدف الأساسي منه توحيد قوى المعارضة في وجه سلطة تضع يدها على البلد منذ 30 سنة وتعرف كيفية شدّ العصب ولعبة الطوائف والفساد وتحالف المافيا والميليشيا، “ويجب أن تتمّ المواجهة مع السلطة وهي مواجهة لا يمكن أن تحصل سوى إذا كنّا موحدين”.

ويحذر من أنّ انقسام قوى التغيير في البلد وشرذمتها سيؤدي إلى أن تستمر السلطة في التحكم في البلد، “وبمقدار ما نستطيع أن نوسّع من هذا التواصل ونعزّز دور قوى التغيير في البلد وأن تجمع الفئات نفسها، بمقدار ما سنتمكن من الضغط أكثر في معركتنا في وجه السلطة، وسيكون هناك معارك انتخابية متنوّعة نقابية وطلابية ونياية، وصولًا إلى الانتخابات التي يجب أن تخوضها المعارضة موحدة بعد أشهر”.

لا يودّ داغر الحكم من الآن حيث ستصل جبهته في معركتها “لكن ما نقوله إنّنا نملك نيّة بالتقارب وبالعمل المستمر في مسار ثابت والجهود مبذولة ولننتظر ماذا سيحصل”.

هو يعدّد بحماسة الجهات التي انضوت في الجبهة مثل النائب ميشال معوض و”خط أحمر” و”لقاء تشرين” و”عامية 17 تشرين” و”تقدم” و”هيئة دعم الثورة” و”ريبلز” و”الجنوب ينتفض” ومجموعات أخرى.

الجبهة لم تعلن بعد، ويراه القيادي الكتائبي موضوعًا تفصيليًا، فالاجتماعات مستمرة، أمّا نوعية التحركات فتفرض نفسها حسب الظرف والتحركات قائمة على الأرض من دون اتخاذ وسيلة قطع الطرقات، كما يؤكّد “إذ أنّنا جبهة تمارس السياسة بكلّ وجوهها وسنرى ماهية الجبهات الأخرى قيد التشكيل”.

 

اليسار.. و”نحو الوطن”

على أنّ هاتين الجبهتين في انتظار ما سيلد في المقبل من الأيام من جبهات، وسط نقاش لبناء إحداها ستكون يسارية الطابع وعمادها “لقاء التغيير” الذي يشكل “الحزب الشيوعي اللّبناني” رأس حربته. وثمّة نقاش مع النائب أسامة سعد ومجموعات جنوبية التقت في “مؤتمر الجنوب” الأخير الذي عقد في بلدة النبطية الفوقا وحضره “التنظيم الشعبي الناصري” و”الشيوعي” و”مواطنون ومواطنات في دولة” و”حزب سبعة” و”منتشرين” و”الكتلة الوطنية” و”المرصد الشعبي” و”وعي” وآخرون في نشاط تمثّلت فيه الأحزاب “فرديا”.

لكنّ النقاشات مع “الشيوعي” دائمًا ما تتخذ صعوبة كونه يعتبر نفسه “أم الصبي” وتعود معارضته للمنظومة إلى زمن طويل يسبق 17 تشرين، لكنّه سلك براغماتية واضحة في مفاوضاته الأخيرة مع الحراكيين في الجنوب خصوصاً.

وإلى جانب ذلك تحضر مجموعة “نحو الوطن” حديثة العهد وذات الدعم الاغترابي التي ولجت حراك الانتخابات بقوّة ومن دون تنسيق مع الآخرين وأرادت ترشيح 128 شخصًا في كلّ لبنان. لكنّ فورتها هدأت بعد نقاش مع الحراكيين وثمّة اجتماعات لها مع الجبهتين الكبريين ومجموعات أخرى في كلّ المناطق حتّى أنّها حضرت في الجنوب حيث المعركة الانتخابية الأصعب، وشرطها توحيد رؤية الحراك للانتخابات قبل دعمه.

 

عمار نعمة

 

عمار نعمة

كاتب سياسي لبناني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى