مجتمع

توقف دعم الأعلاف يقضي على صغار المزارعين ومربّي الدواجن

قبل نحو 6 أشهر، أوقفت الدولة دعمها للأعلاف والأسمدة المستوردة، ولم تستدرك، كعادتها، خطورة ذلك على الثروة الزراعية والحيوانية. التي أصبحت، منذ بداية الأزمة الاقتصادية، قبل عامين، ملاذ الأهالي الوحيد لتأمين الاكتفاء الذاتي، بعد أن تحول عشرات الموظفين والعمّال إلى مزارعين ومربّي الدواجن، “على أمل أن نعوّض شيئاً عن خسائرنا” يقول الموظف أحمد عطوي (من بلدة مركبا)، موضحًا أنّ “معظم الأهالي في القرى والبلدات كانوا قد عادوا إلى حقولهم الزراعية، واشتروا الطيور والأغنام لتربيتها والاتكال على أنفسهم، لافتاً إلى أنّ “الدولة لاحقت أحلامنا، مجدداً، فرفعت الدعم عن الأسمدة والأعلاف، لترتفع أثمانها بشكل خيالي، إلى أن بتنا غير قادرين على الاستمرار في الزراعة، ونضطرّ الآن إلى بيع ما نملكه من حيوانات تعبنا على تربيتها”.

قرّر بعض المزارعين تأمين أعلاف بديلة، فارتفع ثمن التبن إلى 600 ألف ليرة للطن الواحد، بعد أن كان مهملاً ومنسياً، وكذلك حال الشعير، “لكن هذه الأعلاف الغليظة، لا تؤمّن التغذية اللاّزمة للحيوانات الحلوب التي تحتاج إلى الأعلاف المركّزة”، لذلك قرّر المزارع أحمد لوباني (من بلدة مرجعيون) “بيع أغنامه التي يمتلكها، ليصبح في عداد العاطلين عن العمل”. يذهب لوباني إلى أنّ    “تربية الحيوانات الداجنة باتت حكراً على الأغنياء، الذين يمكن لهم تربية مئات المواشي وشراء الأعلاف، أمّا صغار المربّين فعليهم البحث عن أعمال أخرى غير موجودة أصلاً”، مؤكداً على أنّ “الزراعة تحتاج أيضاً إلى دعم مالي، فالأسمدة لا نقدر على شرائها، والمياه غير متوفرة”.

يذكر النقيب السابق لمربي الأبقار في لبنان المهندس الزراعي خير الجراح، أنّ “الذين يهتمون بتربية الحيوانات الداجنة في لبنان هم بأغلبهم من صغار المربّين، وتوقف دعم الأعلاف يؤدي يوماً بعد يوم إلى انقراض صغار المربّين وبالتالي انقراض معظم الحيوانات الداجنة في لبنان”.

ويشير إلى أنّ “لبنان بات يستورد ما يقل عن 50 مليون دولار من الألبان والأجبان، بعد أن كان يستورد ما تزيد قيمته عن 250 مليون دولار، لعدم قدرة المواطنين على شراء هذه المنتجات، ما يعني أنّ الأمن الغذائي في خطر كبير”.

يذكر أنه في السنوات الماضية شهدت المناطق اللّبنانية الزراعية اقبالاً كبيراً على الزراعة وتربية الحيوانات، ففي جنوب لبنان لجأ اتحادي بلديات بنت جبيل وجبل عامل على تقديم خدمات للمزارعين وتشجيع الأهالي على الاهتمام بالزراعة وتربية الماشية، “في إحدى بلدات بنت جبيل كان عدد رؤوس الأبقار 27 رأس، ليصبح منذ عام يزيد على 600 رأس”، بحسب المهندس الزراعي سليم مراد، لكن ما حصل خلال الأشهر الماضية أنّ معظم المزارعين بدأوا يستغنون عن الأغنام والأبقار بسبب كلفة الأعلاف، فيقول نقيب مربو الأبقار في الجنوب فادي ضاوي أنّ “جنوب لبنان خسر 35% من أبقاره خلال ستة أشهر وسيخسر لاحقاً كل ثروته الحيوانية اذا لم تعالج مشكلة ارتفاع الاسعار” .  وفي إحصاء أجراه اتحاد بلديات بنت جبيل، تبيّن أنّ معظم المربين للحيوانات الداجنة أبدوا رغبتهم بالتخلّي عن حيواناتهم في حال استمرار الأزمة، واستمرار غلاء الأدوية البيطرية والأعلاف التي تتفاوت أسعارها من متجرٍ إلى آخر حيث يتراوح سعر طن مخلوط العلف المركز للأبقار حاليًا بين 4.5 و 6.5 مليون ليرة لبنانية.

 

 

داني الأمين

داني الأمين

صحافي وباحث. حائز على اجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى