منوعات

اتّخذ القرار…8 آلاف موظف مصرفيّ سيخسرون عملهم خلال أشهر

في تشرين الثاني من العام 2019، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تعميماً طلب بموجبه من المصارف اللبنانية زيادة رؤوس أموالها بنسبة 20 بالمئة على مرحلتين، وتم تمديد هذه المهل لتنتهي في شباط من العام المقبل، وهو التاريخ الذي تؤكد مصادر مصرفية مطّلعة أنه سيكون ثابتاً، ولن يُمدّد، الأمر الذي جعل مجالس إدارات المصارف اللبنانية خلايا نحل تعمل لأجل تجهيز المبالغ المطلوبة. فكيف يتم ذلك؟

ثلاثة أبواب تطرقها المصارف
علم “أحوال” أن المصارف بدأت منذ عام تقريباً تفكّر جدّياً في كيفية زيادة الرأس مال للبقاء في السوق اللبناني، فوجدت أن العمل يجب أن يتمحور حول 3 أبواب:
الباب الأول هو محاولة بيع أعمال المصارف في الخارج، وهذا الباب يصلح فقط للمصارف الكبرى التي افتتحت فروعاً خارج لبنان، مثل في مصر والعراق. وفي هذا الباب تُعاني المصارف العاملة بالخارج من صعوبة إنجاح عملية البيع، بسبب الظروف الإقتصادية الراهنة حول العالم، وأسباب على علاقة بوضعها في لبنان.
الباب الثاني هو تقليص أعداد الفروع للمصارف، وفي هذا الباب بدأت بالفعل المصارف اللبنانية بإقفال الفروع، فبنك “blc” مثلا أقفل فرعين في منطقة الضاحية الجنوبية، وأصبح ثقل الأعمال في فرع فرن الشباك بالنسبة لساكني تلك المنطقة ومحيطها، وبنك عودة أيضاً إتّخذ قراره بإقفال 30 فرعاً في كل لبنان، وبنك “بيروت” قرر بدء إقفال فروع دون أن تتوضّح الصورة حول هويتها، وبنك “بيبلوس” كان السبّاق فأطلق عملية إغلاق الفروع قبل أن يُبادر غيره من المصارف. وبالتالي فإن المصارف التي تمتلك فروعاً كثيرة قد بدأت بالفعل تقليص أعداد هذه الفروع لتقليص “النفقات” السنوية، خصوصاً بعد أن تحوّلت أغلب الفروع إلى ما يُشبه عمل “ماكينات الصرف” الآلية.
الباب الثالث، وينتج عن تفعيل الباب الثاني، وهو تسريح الموظفين، وفي هذا السياق علم “أحوال” أن المصارف بدأت بالفعل بتقليص أعداد الموظفين، إذ تُشير المصادر المصرفية إلى أن الأعداد لن تنخفض بمعدلات بسيطة، بل يجري الحديث عن تقليص 30 أو 35 بالمئة من أعداد العاملين في قطاع المصارف، والذين يبلغ عددهم حوالي 25 ألف موظّف، كاشفة أن بعض المصارف الكبيرة ستقوم بتسريح 50 بالمئة من الموظفين لديها.
وتضيف المصادر: “ما بين 8 و10 آلاف موظف سوف يخرجون من وظائفهم في المصارف العاملة في لبنان، وهذا الأمر بدأت تباشيره في المصارف الكبيرة، كعودة و”sgbl” و”بلوم” ومع نهاية العام ستكون صورة “المصروفين” أوضح، لأنه لا نيّة مثلا لتجديد عقود العمل السنويّة التي يعمل وفقها الموظف، كذلك تجري اليوم عملية تفاوض بين المصارف والموظفين حول طريقة التسريح، ففي بعض المصارف يتم “ترغيب” الموظف للرحيل، وفي بعضها يتم منح الموظف فرصة مدفوعة لـ 6 أشهر على أن يتم التواصل معه بعدها بشأن مستقبله “الذي لن يكون بالمصرف أبداً”.

الخروج من السوق بات أكيداً
هناك في لبنان 49 مصرفاً تجاريّاً، وهو رقم كبير نسبة لحجم لبنان، ولهذه المصارف ما يزيد عن ألف فرع، ولكن هذه الأرقام لن تبقى على ما هي عليه، فهناك مصارف قد جهّزت “المال” المطلوب لزيادة الرأس مال، ولكنها بحسب المصادر المصرفية غير مستعجلة لرفعه، قبل وضوح صورة الوضع السياسي والحكومة، وهناك مصارف قد أخذت قرارها بانتظار “الدمج” أو “البيع” أو الخروج من السوق، وهذه الخيارات قد لا تُؤخذ من قبل المصارف بشكل طوعيّ، بل سيتم تصفيتها من قبل مصرف لبنان، أو دمجها وفق ما يراه “المركزي” مناسباً.
أكثر من مرّة أكد حاكم المصرف المركزي رياض سلامة أنه يتعيّن على المصرف الذي لا يتمكن من استيفاء المعيار الجديد قبل نهاية شباط، أن يخرج من السّوق، ولكن هذا لا يعني أن الودائع ستتبخّر، لأنه وبحسب المصادر المصرفية ستكون الودائع مُصانة، لأن المصرف لن يكون في وضع إفلاس. ولكن هل هناك من لا يزال يثق في النظام المصرفي؟

محمد علوش

صحافي لبناني، يحمل إجازة في الحقوق وشهادة الماستر في التخطيط والإدارة العامة من الجامعة اللبنانية. بدأ عمله الصحافي عام 2011، وتخصص في كتابة المقالات السياسية المتعلقة بالشؤون اللبنانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى