في الحزب القومي كلٌّ يغني على ليلاه
في الاستشارات النيابية صوّتت كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي لسعد الحريري رئيسًا مكلّفًا للحكومة المقبلة المفترضة. قبلها بساعات، كانت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي المنتخبة حديثًا قد أعلنت أنّها لن تسمي أحدًا لرئاسة الحكومة.
الحزب الذي يدعو إلى الوحدة بين الدول انقسم في بلد ال10452 كلم مربع. ليس هذا تفصيلًا.
يعود هذا الانقسام بالشكل إلى أسبوعين فقط، أي إلى موعد الانتخابات الحزبية للمجلس الأعلى للحزب ولرئاسة الحزب. يومها انقسم الناخبون الذين طالما انتخبوا النائب أسعد حردان أو من يسميه حردان ليكون رئيسًا. فبعد سيطرة حردان لسنوات طويلة على قيادة الحزب، انتخب هذه المرّة المجلس الأعلى للحزب القومي ربيع بنات رئيسًا للحزب ليكون الرئيس الأول منذ زمن المنتخب من المعارضة الحزبية لحردان.
في المضمون يعود هذا الانقسام إلى سنوات مضت. سنوات تحوّل فيها حزب الوحدة إلى مجموعات. الإصلاح والوحدة، قسم، حركة النهضة، 8 تموز وغيرها، مجموعات انفصلت عن قياد ة الحزب القومي لأسباب عدّة. أسباب يمكن اختصارها بأنّ قيادة الحزب ما عادت تحاكي تطلعات الشباب القومي ولا طموحه ولا حتى عقيدته.
فماذا حصل في الاستشارات النيابية؟
بناء على اجتماعات المجلس الأعلى للحزب أصدرت القيادة الجديدة المنتخبة حديثًا والمعارضة للنائب أسعد حردان بيانًا أكّدت فيه عدم تسمية أحد من المرشحين المطروحين لرئاسة الحكومة ونفى عمدة الإعلام في الحزب أن يكون للكتلة القومية اجتماع الخميس صباحًا لتقرّر تسمية سعد الحريري أو عدم تسميته.
غير أنّ الكتلة القومية المؤلفة من ثلاثة نوّاب هم أسعد حردان، سليم سعادة وآلبير منصور عقدت اجتماعًا الخميس صباحًا ثمّ توجهت إلى قصر بعبدا وسمّت الحريري. وأثناء خروجه من الاستشارت توجّه حردان إلى الصحافيين قائلًا نحن الحزب القومي وأي شيء آخر لم أسمع به.
ماذا يعني هذا الكلام؟ دائمًا كما اعتاد حردان أن يكون الأقوى، ها هو يخرج من قصر بعبدا محافظًا على صورته ضاربًا بعرض الحائط كلّ الصولات والجولات للمعارضين الذين انتخبوا ضدّه في الانتخابات الأخيرة. أثار حردان موجة ارتباك عميقة في صفوف الحزب الذي اعتقد أنّه بالانتخابات وحدها يستطيع تغييرَ موازين القوى. إلّا أنّ حردان أعاد الطابة إلى ملعبه . سمّى سعد الحريري مع نائبي كتلته. اتّصل بمعارفه من أصحاب محطات التلفزة والمدراء فيها ليعرّفوا عنه على أنّه رئيس المجلس الأعلى للحزب وهو ليس كذلك.
ربيع بنات رئيسًا للحزب، عامر التل رئيس المجلس الأعلى للحزب. الرجلان انتُخبا حديثًا في خطوة غير مسبوقة للمعارضة الحزبية في القومي. إلّا أنّ هذا الانتخاب لم يلغ الارباك الذي تعيشه هذه المعارضة المنتخبة بعد موقف حردان. فاكتفت مصادر القيادة الحزبية بالقول بأنّ موقف الحزب ثابت لجهة عدم تسمية أي مرشح معتبرًا موقف الكتلة القومية لا يتناسب مع موقف الحزب العام. خجول هو رد الحزب. أو بالأحرى رد المصادر المقرّبة من القيادة الجديدة.
في المقابل يعلّق عضو المجلس الأعلى حسان صقر لـ “أحوال” على المشهد. صقر الذي كان رأس حربة مع آخرين في المعركة ضد حردان وكاد أن يترشّح على رئاسة الحزب قبل أن يتوافق مع فريق المعارضة على اسم ربيع بنات، يقول إنّ “الفريق الآخر لم يعترف بعد بالانتخابات لأنّه خسرها. فحاول بدل الاعتراف بها أن يقول إنّه هو الحزب فيما الحقيقة أنّهم ليسوا استمرارًا لنهج الحزب والدليل أنّهم وفي ظروف سابقة لم يسمّوا سعد الحريري وبالتالي هم من لم يتصرف على نهج الحزب، لافتًا إلى أنّ الفريق الذي لا يعترف بنتائج الانتخابات هو من أدارها.”
قي المقابل، العضو السابق في المجلس الأعلى توفيق مهنا، وهو في المعارضة الحزبية التي لم تشارك في الانتخابات السابقة، أي في فريق ثالث يقول لـ “أحوال” إنّ حردان يمثّل نفسه في خيار تسميته الحريري.
يوم الإثنين سيكون النائب أسعد حردان ضيف قناة الميادين التي عرّفت به على أنّه رئيس المجلس الأعلى وهو ليس كذلك. ماذا يحاول أن يفعل حردان الذي طالما ابتعد عن الإعلام؟ هل يحاول أن يفرض نفسه في الإعلام وأمام الرأي العام على أنّه الوجه الأكثر قوّة في الحزب القومي؟ هل يحاول القول لحلفاء الحزب من حزب الله إلى الرئيس نبيه بري إلى القيادة السورية أنّ خسارة الانتخابات لا تعني خسارة القوّة والقاعدة؟
يبدو الصراع أكبر من مظهره. صراع على القيادة وصراع على النفوذ وصراع على الحلفاء. أما القوميون فماذا سيقولون في المقبل من الأيام؟ هل ستنجح القايدة الجديدة باستقطابهم أم ستفشل كما فعلت سابقتها؟ لننتظر ونرَ.
جوزفين ديب