أين ذهبت أصوات المقترعين العلويين في طرابلس؟
أسئلة كثيرة طُرحت في طرابلس حول أين وكيف ذهبت وتوزّعت أصوات النّاخبين في المدينة، سياسياً ومذهبياً ومناطقياً، خلال الإنتخابات النّيابيّة الأخيرة التي جرت في 15 أيّار الجاري، وهل صبّت في اتجاه واحد، أم توزّعت في اتجاهات عدّة، وما الظروف التي حكمت وأملت هذا الأمر؟
من بين هذه الأسئلة كانت تلك المتعلقة بالنّاخبين العلويين في المدينة، الذين اعتادوا خلال دورات إنتخابات نيابيّة سابقة أن يصبّوا أغلب أصواتهم في الإتجاه الذي كان يرغبه على وجه التحديد الحزب العربي الديمقراطي برئاسة رفعت عيد، نجل النائب الراحل علي عيد، وهو الحزب الذي يعتبر الأكثر حضوراً في أوساط الطائفة العلوية في طرابلس.
لا يقلّ عدد النّاخبين العلويين في طرابلس، حسب لوائح الشّطب الأخيرة، عن 17 ألف ناخب، كان يقترع منهم في كلّ دورة إنتخابية سابقة بين 6 او 7 آلاف مقترع، بنسب تتراوح بين 37 و41 في المئة، وكانوا في الغالب يصبّون أغلب أصواتهم لصالح رفعت عيد أو من يتبناه حزبه أو الحلفاء، لكنّ هذه النسبة إنخفضت في دورة إنتخابات 2018 إلى أقل من 30 %، بسبب قرار المقاطعة الذي اتخذه الحزب العربي الديمقراطي ورئيسه الموجود في سوريا.
في دورة الإنتخابات الأخيرة أظهرت النتائج أنّ نسبة إقتراع العلويين بالكاد وصلت إلى 25 في المئة، بسبب سياسة المقاطعة نفسها من قبل الحزب، والتي أعلنها رئيسه في تسجيل صوتي إحتجاجاً على عدم معالجة قضية المبعدين إلى سوريا، قضائياً وسياسياً، ما جعل الأرقام التي حصل عليها مرشّحو الطائفة العلوية، على اختلافهم، هزيلة للغاية، مع ترك الحزب هامش حرّية للنّاخبين العلويين للتصويت لمن يرونه مناسباً، ومقرّباً منه، قطعاً للطريق على فوز خصم له.
مرشّحو الطائفة العلوية الـ10 في طرابلس التي شهدت على 11 لائحة خاضت الإنتخابات، نالوا 4.148 صوتاً تفضلياً، إذا افترضنا أنّ معظم أصواتهم نالوها من أقلام إقتراع العلويين، توزّعت كالتالي: محمد الطرابلسي (لائحة الإرادة الشّعبية) 1021 صوتاً تفضيلياً، النّائب السّابق علي درويش (لائحة للنّاس) 831، بدر عيد (لائحة لبنان لنا) 797، صالح الديب (لائحة الإستقرار والإنماء) 717، النائب الفائز بالمقعد العلوي فراس السّلّوم (لائحة التغيير الحقيقي) 370، محمد شمسين (لائحة إنقاذ وطن) 216، أحمد علي (لائحة الجمهورية الثالثة) 146، نضال عبد الرحمن (لائحة قادمين) 26 وأخيراً هشام ابراهيم (لائحة فجر التغيير) 24 صوتاً تفضيلياً.
غير أنّ أصوات النّاخبين العلويين لم تذهب إلى المرشّحين العلويين فقط، بل ذهبت أيضاً إلى حلفائهم، وتحديداً مرشّح تيّار المردة عن المقعد الارثوذكسي ومنسقه في طرابلس رفلي دياب، الذي أعلن الحزب العربي الديمقراطي، في بيان، أنّه سوف يكسر قرار المقاطعة ويصوّت له إنطلاقاً من كون رئيس التيّار سليمان فرنجية حليفاً له، وهو ما جعل أصوات دياب التفضيلية ترتفع من 1.286 صوتاً تفضيلياً في دورة إنتخابات عام 2018 إلى 2.294 صوتاً في دورة الإنتخابات الأخيرة، لكنّ ذلك لم يكن كافياً لنجاحه، لأنّ لائحته فازت فقط بحاصلين كانا من نصيب النّائبين جهاد الصّمد عن أحد المقعدين السنّيين في الضنّية، وطه ناجي عن أحد المقاعد السنّية الخمسة في طرابلس.
فراس السلّوم الفائز بالمقعد النيابي المخصّص للعلويين في طرابلس، والذي أشيع بعد انتخابه أنّه عضو في الحزب العربي الديمقراطي، خصوصاً بعد الإحتفالات التي أعقبت فوزه بمنطقة جبل محسن في المدينة، حيث يقيم أغلب العلويين قبل نزوحهم خلال السّنوات الأخيرة باتجاه زغرتا والكورة، ورافقتها هتافات مؤيّدة للرئيس السّوري بشّار الأسد، نفى ذلك لـ”أحوال” وقال: “لو كان إتهام إنتسابي للحزب العربي الديمقراطي صحيحاً لكنت نلت أصواتا تفضيلية بالالاف، وليس 370 صوتاً فقط، ولكنّني مقيم في منطقة يعرف الكلّ فيها الكلّ، وأنا منسجم معها كما منسجم مع مدينتي طرابلس”.
يُذكر أنّ السلّوم هو النّائب الخامس الذي يفوز بالمقعد العلوي بعد استحداثه عام 1991 إثر إقرار إتفاق الطائف وزيادة عدد أعضاء المجلس النيابي من 99 إلى 128. إذ فاز به النائب الراحل علي عيد بالتعيين عام 1991 وفي دورة إنتخابات عام 1992، والنائب الراحل أحمد حبوس في دورتي إنتخابات 1996 و2000، والنائب الراحل بدر ونوس في دورتي إنتخابات 2005 و2009، والنائب السّابق علي درويش في دورة إنتخابات 2018.
عبد الكافي الصمد