خبراء اقتصاديون لـ “أحوال”: رفع الدعم خطة لفرض إملاءات خارجية
الموظفون إلى العصيان المدني وشلل عام في مؤسسات الدولة
يعيش لبنان سباقاً محموماً بين المساعي الحثيثة لتأليف حكومة جديدة تتولّى وقف الانهيار وإدارة ومواجهة الأزمات المتفجرّة على كافة الأصعدة، وبين توجّه مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة إلى رفع الدعم عن السلع الغذائية والمواد الأساسية، كالقمح والأدوية والمحروقات، التي تُعتبر خطوطاً حمراء لا تُمس، ترتبط بالأمن الغذائي للمواطنين.
رفع الدعم خلال شهرين وبحث عن مخارج بديلة
وسط تضارب المعلومات والمعطيات حول هذا القرار الخطير كما تصفه نقابات الموظفين والعمال، تؤكّد مصادر مطّلعة ومعنية في الملف الاقتصادي لـ”أحوال” أنّ قرار رفع الدعم التدريجي عن السلع والمواد الأساسية سيُتخذ خلال شهرين، لكن يجري البحث عن مخارج وآليات تنفيذية كضمانات بديلة ويُنتظر موافقة حكومة تصريف الأعمال وسط رفض رئيسها حسان دياب رفع الدعم كما أكدت مصادره.
ويشمل رفع الدعم بحسب المصادر، المشتقات النفطية والدواء والقمح والسلع الغذائية، ما سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار هذه السلع بشكل خيالي إذا لم تُعتمد البطاقة التموينية؛ وفي حال تم اعتماد سعر المنصة الإلكترونية 3900 ل.ل، فسترتفع الأسعار ثلاثة أو أربعة أضعاف وبالتالي، فإنّ المواطن الذي يحمل البطاقة لن يستفيد من الدعم على 1500 ليرة بل على 3900.
في المقابل، حذّر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر عبر “أحوال” من أنّ رفع الدعم عن هذه المواد الأساسية سينذر بكارثة اجتماعية كبيرة، كما أشار إلى أنّ رفع الدعم سيشمل قطاع الكهرباء أيضاً ما سيؤدي إلى ارتفاع تعرفة الكهرباء أيضاً فضلاً عن ارتفاع اسعار جميع المشتقات النفطية كصفيحة البنزين والمازوت وقارورة الغاز سيّما وأنّنا على أبواب فصل الشتاء.
كما حذّر الأسمر من أنّ رفع الدعم سيؤدّي إلى أزمة كبيرة في الصنادق الضامنة للمواطنين وفقدانها القدرة على تغطية نفقات الضمان الصحي، سيّما وأنّ الحديث يجري على رفع تسعيرة المنصة الإلكترونية للدولار إلى 4200 ليرة. كما حذّر من أنّه لا يمكن تحديد ضمان سعر صرف المنصة في ظل الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار في السوق السوداء. وأشار إلى وجود إشكاليات في البطاقة التموينية، فمن ستشمل؟ الفقراء أو أغلب الفئات الاجتماعية؟ ومن يحدّد ويصنّف الفقراء؟ وهل سنعود إلى مشكلة تحديد العائلات الأكثر فقراً التي اعتمدتها الحكومة لتقديم المساعدات جرّاء جائحة كورونا؟ وأين تبخّرت الأموال في مصرف لبنان، ولماذا لا يّحسم الأمر بين المصرف والحكومة، ويتم استعادة الأموال المهرّبة والمحوّلة خلال العامين الماضيين أو على الأقل في العام الماضي منذ اندلاع أحداث تشرين الماضي؟
وزارة الاقتصاد: الدعم لم يتوقف ولكن…
كشفت مصادر خاصة أنّ الإجتماعات التي يعقدها الحاكم رياض سلامة مع مجلس الحاكمية في مكتبه سيّما الإجتماع الأخير منذ يومين تهدف إلى التمهيد لقرار رفع الدعم كخيار وحيد أمام مصرف لبنان الذي أبلغ رئاسة الحكومة بذلك ولم ترّد الأخيرة بأي جواب. لكن مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر أكّد أنّ “الدعم لن يتوقف الآن ولكن نحن ذاهبون الى ترشيد عملية الدعم”. وبحسب المعلومات، فقد حاول سلامة التخفيف من وطأة وخطوة قرار رفع الدعم موضحاً للمسؤولين في الدولة الذين راجعوه بأنّ مسألة رفع الدعم تحمل مغالطات كبيرة ولم تُحدد الآليات بعد.
وبحسب ما تنقل وكالات عالمية عن مصرف لبنان، فإنّ لبنان يملك نحو 1.8 مليار دولار في احتياطيّاته من النقد الأجنبي يمكن إتاحتها لدعم واردات غذائية أساسية وواردات أخرى، لكنه قد يحافظ على بقائها لنحو ستة أشهر أخرى عن طريق إلغاء دعم بعض السلع الكمالية غير الأساسية.
فيما أشارت مصادر سياسية لـ”أحوال” الى أنّ لا أحد من المسؤولين السياسيين والحكوميين والماليين سيجرؤ على رفع الدعم، لأنّ ذلك سيؤدي الى انفجار اجتماعي كبير لن يكون هؤلاء السياسيون ولا المراكز الرسمية بمنأى عن نتائجها”. فيما تتردّد معلومات أنّ بعبدا ستدعو قريباً لاجتماع رئاسي مالي برئاسة رئيس الجمهورية يحضره الرئيسان بري ودياب ووزير المال وحاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف والهيئات الاقتصادية، وذلك للتشاور في الموضوع المالي ومسألة رفع الدعم والآليات المطروحة. فيما دعا رئيس الاتحاد العمالي العام المسؤولين والمراجع المعنية إلى دعوة الاتحاد إلى أي اجتماع مالي – اقتصادي ليكون شريكاً في اتخاذ أي قرار بهذا الشأن كونه ممثلاً عن الطبقات العمالية والشعبية الفقيرة.
عصيان مدني وشلل المؤسسات
كشف عدد من نقابات الموظفين سيّما رئيس رابطة التعليم المهني نز الموظفون إلى العصيان وشلل عام في المؤسسات الموظفون إلى العصيان وشلل عام في المؤسسات ه جباوي لـ”أحوال” أنّ رفع الدعم سيدفع الموظفين إلى التوقف عن التوجه إلى عملهم في الإدرات والمؤسسات العامة والالتحاق بالشارع الذي يكون قد انفجر نظراً لتلاشي القدرة الشرائية للرواتب وصعوبة الإنتقال في ظل ارتفاع سعر صفيحة البنزين والمواد والسلع الأساسية؛ وبالتالي سيؤدّي إلى شلل عام في إدارات والمؤسسات العامة في الدولة ما سينعكس على الخدمات المتعددة التي تؤمنها الدولة إلى المواطنين بكافة الأراضي اللبنانية، سيّما التيار الكهربائي والمياه والاتصالات والمعاملات الإدارية والمالية اليومية، عدا عن شلّ الحركة التجارية من عمليات التصدير والإستيراد ما سيضاعف حجم الأزمة وارتفاع إضافي في سعر صرف الدولار ونقص في المواد الغذائية الأساسية ما يهدد الأمن الغذائي في البلد”.
ولفتت النقابات أنّ موظفي القطاع العام سيلجأون للإضراب العام والتوقف عن العمل فور البدء برفع الدعم. وبحسب معلومات خاصة فقد طالب أحد نقابات الموظفين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب خلال لقائهم به اليوم بزيادة على الرواتب والأجور لتمكين الموظفين من الصمود في ظل الغلاء الفاحش بالأسعار والتوجه إلى رفع الدعم، لكن دياب أكد على حق الموظفين بهذه الزيادة، لافتاً من جهة أخرى أنّ الإمكانات المالية لا تتحمل.
إجراءات بديلة عن رفع الدعم
لفت الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين لـ”أحوال” أنّ “هناك العديد من الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الحكومة والوزراء المعنيون ومصرف لبنان كبديل عن رفع الدعم”، مشيراً إلى “اعتماد إدارة رشيدة للإحتياطات في مصرف لبنان تمكننا من الصمود لأطول فترة ممكنة”. وطالب بـ”إعادة النظر بآليات الدعم وبأنواع السلع والفئات الشعبية التي تستفيد منها، مشيراً إلى أنّ” الدعم يجب أن لا يشمل البعثات الدبلوماسية في لبنان والسوّاح والمغتربين وذوي المداخيل المرتفعة وأصحاب السيارات الغالية الثمن”.
وحذّر الخبير الاقتصادي والمالي د. حسن مقلّد من هدف قرار رفع الدعم “كجزء من مخطط لتفجير الشارع وإظهار عجز الدولة المالي لاستثماره في الضغط السياسي الخارجي على لبنان في ملف مفاوضات ترسيم الحدود من جهة، ومن جهة ثانية فرض الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي وشروطه من بيع أملاك وأصول الدولة وفرض ضرائب جديدة إلى رهن الذهب، وبالتالي وصايا مالية اقتصادية جديدة على لبنان.
محمد حمية