إنتخابات عكّار بلا راعٍ والإنقسام سيّد السّاحة
تستعد عكّار (دائرة الشّمال الأولى) لخوض إستحقاق الإنتخابات النّيابيّة المقرّرة في 15 أيّار / مايو المقبل وسط أجواء يُسيطر عليها الغموض والإرباك؛ فلأوّل مرّة يجد العكّاريون أنفسهم بلا راعٍ يُهندس مرشحيهم وتحالفاتهم ولوائحهم الإنتخابية، مثلما كان الحال أيّام “الراعي” السّوري في دورات إنتخابات 1992 و1996 و2000، وتيّار المستقبل في دورات إنتخابات 2005 و2009 و2018.
غياب الراعيين السّوري والمستقبلي عن الإمساك بالمشهد الإنتخابي في عكّار هذه المرّة، مع ملاحظة أن انكفاء تيّار المستقبل منذ إعلان زعيمه الرئيس سعد الحريري إنسحابه في 24 كانون الثاني / يناير الفائت، واكبه عودة تدريجيّة وملحوظة للراعي السّوري إلى المنطقة، دفع الشّخصيات والقوى السّياسية المحلية إلى محاولة رسمها المشهد الإنتخابي على مقاسها، وتصوير أنفسها بأنّها قادرة على أن تكون بديلاً عن الرّعاة المحليين والإقليميين للإمساك باستحقاقاتها المحلية، ومنها الإنتخابات النّيابيّة.
محاولة الشّخصيات والقوى السّياسية المحلية ملء الفراغ إصطدم بصراعٍ وتنافسٍ بارز نشأ بينها خلال الأيّام الماضية، وهو مرجّح وفق مصادر لأن “تتسع دائرته ويكبر في المرحلة المقبلة، إنْ بما يتعلق بالترشيحات أو التحالفات أو تشكيل اللوائح، وصولاً إلى ما ينتظر أن يسفر عنه المشهد الإنتخابي المستجد من ملامح منتصف أيّار المقبل”.
هذا التنافس برز على السّطح عندما أعلن عضو كتلة المستقبل النّائب وليد البعريني أنّه سيخوض الإنتخابات مترئساً لائحة، ما قطع الطريق سلفاً على أيّ تحالف بينه وبين آل المرعبي، سواء زميله في الكتلة الزرقاء النائب طارق المرعبي أو والده النائب السّابق طلال، بسبب الحساسية التاريخية بين آل البعريني الذين ينتمون إلى طبقة الفلّاحين، وآل المرعبي بكاوات عكّار الذين كان جميع نوّابها السنّة منذ ولادة لبنان الكبير 1920 حتى انتخابات 1972 ينتمون إلى تلك العائلة بفروعها المتعدّدة.
ما سبق يعني أنّ كتلة تيّار المستقبل ستنقسم على لائحتين ستتنافسان في الإنتخابات المقبلة، إحداهما برئاسة البعريني وتضم إليه زميله عن المقعد الماروني هادي حبيش، والنّائب محمد سليمان عن أحد المقاعد السنّية (قانون الإنتخابات خصّ عكّار بـ3 مقاعد نيابية) ممثلاً منطقة وادي خالد التي تتمتع بثقل إنتخابي يُقدّر بنحو 21 ألف ناخب، أكثر من 70 في المئة منهم من السنّة، والتي يتنافس فيها 4 مرشّحين بارزين هم إلى سليمان كلّ من النّائبين السّابقين محمد يحيى وجمال اسماعيل، ورئيس إتحاد بلديات وادي خالد السّابق أيمن اليوسف.
وفي حين لم تتضح بعد ملامح اللائحة التي سيشكلها المرعبي، ولا اللوائح الكثيرة التي يُشاع أنّها ستتشكل باسم قوى المجتمع المدني، ولا من سيكون الطرف الذي ستتحالف معه القوّات اللبنانية والحزب الشيوعي، ولا موقف نائب رئيس الحكومة النائب السّابق عصام فارس، فإنّ تحالف فريق 8 آذار / مارس والتيّار الوطني الحرّ ما يزال متعثراً، نظراً للخلافات بين مكوّناته، وعدم وضوح الصورة الإنتخابية بعد.
فالتيّار البرتقالي الذي يرجّح إعادة ترشيح نائبه أسعد درغام عن أحد المقعدين الأرثوذكسيين، إلى جانب عضو مكتبه السّياسي جيمي جبور عن المقعد الماروني، يسعى لتشكيل لائحة بالتحالف مع الحزب السّوري القومي الإجتماعي الذي لم يحسم أسماء مرشحيه بعد بسبب الإنقسامات الدّاخلية فيه، ومع أسماء مرشحين سنّة لم ينتهِ التشاور معهم حتّى الآن، فضلاً عن مرشّح عن المقعد العلوي برزت مؤخّراً إنقسامات حوله بين النّائب الحالي مصطفى علي حسين، وعمّار الأحمد الذي أعلن حزب البعث ترشيحه له، وهو أول مرشّح للحزب في المنطقة منذ انتخابات عام 2000، ومرشّحين آخرين مثل حسن السّلوم الذي رشّح بدلاً منه زوجته ليندا.
أمّا تيّار المردة الذي يؤازر مرشّحه النّائب السّابق كريم الراسي فإنّه لم يحسم أمره بعد على صعيد التحالفات، إثر رفضه التحالف مع التيّار الوطني الحرّ على خلفية الخلافات العميقة بينهما، فإنّه وفق أوساط مطلعة “يملك خيارات عدّة للتحالف مع القوى السّياسية في عكّار، إنطلاقاً من اعتباره أنّ الفرصة سانحة له اليوم أكثر من أيّ وقت مضى من أجل للفوز بمقعد نيابي يعزّز به كتلته النّيابيّة المقبلة”.
عبد الكافي الصمد