هل يبقى سلامة في منصبه حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
عون مُستمر بمواجهة "الحاكِم".. وميقاتي لن يتخلى عن ضابط الحرب!
خمدت قضية الملاحقة القضائية والأمنية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة تحت نار الحسابات والمصالح السياسية، لكنها مشرعة على كافة الاحتمالات، إذ تكشف مصادر مطلعة على الملف لـ”أحوال” أنه وبعد مداهمة قوة من أمن الدولة مقرات سكن سلامة ومكان مزاولة عمله في مصرف لبنان والتوتر الذي حصل مع القوة الأمنية المكلفة بحمايته، سارعت جهات سياسية محلية رفيعة المستوى للتدخل لدى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالتوازي مع ضغوط خارجية وتحديدا السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا، لاحتواء الموقف.
حيث أبلغت السفيرة شيا، بحسب المصادر، موقف بلادها الرافض ملاحقة حاكم مصرف لبنان واقالته في ظل الظروف الراهنة، وتعذر التوافق على بديل له.
كما تدخل ميقاتي لدى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات للحؤول دون الادعاء على سلامة، وبالتالي توقيفه للتحقيق معه.
كما توافق ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي على رفض الأخير منح الإذن للقضاء لملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عثمان، بناء على الادعاء عليه من المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بتهمة التقاعس عن تنفيذ أمر قضائي.
إلا أن معلومات “أحوال” أكدت أن القاضية عون ستتوجه لاتخاذ خطوات وإجراءات قضائية خلال أيام في هذا الملف ضد سلامة وعثمان، وبالتالي لن تسمح للتدخلات السياسية مهما علا شأنها بتسييس الملف وضرب المسار القضائي.
وكشفت أوساط سياسية مطلعة على موقف بعبدا لـ”أحوال” أن “المسار القضائي لملاحقة سلامة واستجوابه ومحاسبته، لن يتراجع، بل سيصل إلى اتفاق على تصحيح هذا الخطأ والشواذ الذي يمثله سلامة ومن يدعمه ولو بعد حين”.
ولفتت الأوساط الى أن “سلامة يستفيد من الانقسام والتشرذم في الموقف الداخلي الحاصل في هذه القضية. فموقف رئيس الجمهورية معروف مقابل موقف معارض للبطريرك الماروني بشارة الراعي وأطراف مستفيدة من الحاكم، وانقسام آخر خارجي بين الأميركيين الذين يرفضون إقالته في الوقت الراهن والموقف الفرنسي الذي يضغط بهذا الاتجاه”.
إلا أن الأوساط أقرت بصعوبة إقالة الحاكم في نهاية العهد الحالي، لا سيما وأن الرئيس الجديد قد لا يوافق عليه، وبالتالي سنواجه مشكلة جديدة بين الرئيس والحاكم.
وفيما يُحذر مصدر في تيار المستقبل عبر “أحوال” من نية العهد استغلال انكفاء الرئيس سعد الحريري عن المشهدين الانتخابي والسياسي بهدف “تصفية “تركة” “الحريرية السياسية” في المواقع الأساسية في الدولة، “وهذا سر استهداف سلامة الذي يدعي التيار الوطني الحر بأنه محسوب على الحريري واللواء عثمان”، نفت الأوساط المقربة من بعبدا هذا الكلام متسائلة: هل يستطيع عون تصفية “الحريرية” التي تشمل تيار المستقبل ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وغيرهم؟ بالتأكيد لا، لكن في نهاية المطاف هناك طبقة سياسية لا تستطيع أن تستمر في ظل واقع الانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية والضغوط الخارجية على لبنان”.
في المقابل، تبدي أجواء عين التينة استغرابها من العودة الى فتح ملف “الحاكمية” في ظل الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، لا سيما وأننا بحاجة الى الجميع في عملية النهوض، محذرة من أي “دعسة ناقصة” تؤدي الى تداعيات خطيرة على كافة المستويات السياسية والنقدية والاقتصادية.
أما مصادر ميقاتي فتؤكد لـ”أحوال” أن رئيس الحكومة لا يزال عند موقفه ويرفض تغيير الحاكم في الوقت الراهن، لإلا يؤدي ذلك الى عرقلة خطط الحكومة لا سيما خطة التعافي المالي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإجراءات مصرف لبنان التي لجمت سعر صرف الدولار على الـ21 ألف ليرة، التي تواكب إقرار موازنة 2022 والإصلاحات المطلوبة.
لذلك يردد ميقاتي، بحسب مصادره، مقولة: “في الحرب لن نتخلى عن الضباط، وحتى انتهاء الحرب لكل حادث حديث”.
وفيما تتهم مصادر معارضة للعهد عبر “أحوال” الرئيس عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل باستخدام قضية سلامة لغايات انتخابية وللإيحاء بأن التيار رأس حربة مكافحة الفساد في لبنان، فضلا عن محاولة تعيين حاكم جديد يدين بالولاء للتيار قبل نهاية العهد الحالي، تشدد المعلومات من جهات مختلفة داخلية وخارجية، أن اقالة الحاكم صعب للغاية في ظل غياب الاجماع السياسي على الإقالة وعلى البديل الذي يتوافق عليه الأطراف السياسية الداخلية والقوى الخارجية، لا سيما وأن امر إقالة سلامة يحتاج الى ثلثي مجلس الوزراء وهذا غير مؤمن.
لذلك تتوقع المعلومات أن يبقى الحاكم في منصبه الى ما بعد الانتخابات النيابية وربما حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، طالما أن لا قرار سياسي جامع بإقالته ولا مخرج قانوني يعلق عمله.
أما حزب الله، فيُفضل بحسب ما تشير أجواؤه لموقعنا التريث في مسألة إقالة الحاكم في ظل الانقسام السياسي الحاصل حول هذا الملف، فهو من جهة يريد اظهار لحليفه التيار الوطني الحر بأنه يقف معه في عملية مكافحة الفساد كبادرة حسن نية واثبات على عزمه تصحيح الخلل في اتفاق “مار مخايل” وتطويره، ومن جهة ثانية لا يريد تجاوز حليف “الثاني الشيعي” أي الرئيس بري، ولو أن الحزب بحسب المصادر كان في الاصل منذ عامين يفضل اقالة سلامة وتعيين حاكم بديل يستطيع ضبط سعر الصرف في السوق السوداء ووقف التلاعب بالعملة الوطنية، لكنه يغلب التفاهم الداخلي على موقع الحاكمية، لا سيما بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب لتفادي الاصطدام مع مكونات سياسية لا تزال تدعم سلامة وترفض اقالته.
محمد حمية