“هكذا نحيا”… محمد باقر الأمين نقل الشهداء من الإيديولوجي إلى الثقافي
مع غروب شمس السبت تعوّدنا نحن اللبنانيين أن نستقبل المساء ببرامج التسالي والترفيه. لكن قناة “المنار”، كعادتها، الترفيه لديها موّجهاً، وهذه المرة نجحت في جذب فئة تهرب من جدية برامجها، فرمت اللاقط عبر موسيقى برنامج جديد، هو برنامج يلتقط الروح بموسيقاه وبكلام مقدّمه محمد باقر الأمين.
كلام حنون، كما حنيّة الأرض على شهيدها، كالمغناطيس تتسمّر أمام المحطة وبتلهف تستمع فكيف اذا كانت الحلقة عن الشهيد محمد إبراهيم مثلاً، حبيبنا جميعاً في العائلة.
يوما بعد يوم، تبيّن أنّ فكرة البرنامج سرّ نجاحه، إضافة إلى شخصية المُقدم الأميَل بنصه لأن يدير حلقة ثقافية شعرية فنيّة، فهو يتناول الموضوع الخاص بالحلقة برفق وشغف وروح الشهادة.
البرنامج يعالج بإسلوب جديد وبرّاق وجذاب ورقيق وهادىء غير فجّ ولا مؤدلج، هو الروح التي تتكلم عن أشخاص غادرونا. لم يستعمل الكلمات المعهودة ولا الخطاب المكرور، بل جنح نحو داخله، فأتقن إخراج شعورنا الذي لا نتقن التعبير عنه. كلهم شهداء، هم فقط موضوعاته الأثيرة، حسنا إختار أن يحكي عنهم كأناس، كبشر، كحيوات لها أشيائها الخاصة الناجحة، والصامتة، هؤلاء الملائكة الذين نُكثر الحديث عنهم، وخاصة “المنار” من خلال وجهة واحدة، ووجه وحيد، هم مع محمد باقر الأمين لهم آمالهم ولهم أحزانهم، هم بشر بروح ملائكية، بجمال داخلي مخبّأ، بحب وعشق وغرام لمقاومة سكنت قلوبهم فمزقته. بسمته كما بسمة الشهيد حين يرتقي، لكن بعض ضيوفه عابسين، ربما خوفاً من تفلّت إبتسامة هنا أو هناك!!!
أتقن الأمين لعبة عرض حياة الشهداء الخاصة بدواخلها، وأتقن إخراجهم إلى العام بعد أن حبسهم أهلهم في الإطار الديني.
بانتظار عناوين جميلة تجمع بقية الشهداء، نأمل أن يكون للشهداء “المظلومون” حلقة من حلقات البرنامج الجميل ولي في ذلك مآرب خاصة. فللمرة الأولى أقول لامستَ شغاف القلب ببرنامجك هذا. ولا زال الطريق طويلاً في سرد قصص شهدائنا وحياتهم وكلّ تفصيل يطالهم، ولا زال الزمن يجود علينا بأخبارهم.
تناول الأمين في برنامجه الشهداء الأسرى، وشهداء التعبئة، والشهداء قرّاء العزاء، والشهدء الإعلاميين، وشهداء الغرافيك، وشهداء الإخراج، وشهداء كرة القدم، والشهداء المهندسين، والشهداء المعلمين، والشهداء العلماء، والشهداء الشعراء، والشهداء الممثلين..
إذن هو فكرة نابعة من منبت عقيدة حزبية في تمجيد الشهداء، إلاّ أنّها فكرة جديدة مستنبطة من مصدر واحد.
وقد يأخذ العديد من الأشخاص على قناة “المنار” هذا الكم الهائل من الحديث عن الشهداء، لكن وبحق يمكن القول إنّه فعل تمجيدي لخياراتهم، وإن كان البعض يرى في هذا الخيار موت وخسارة. والجميل أن تحوّل الموت إلى حياة جديدة، وهذا ما يميل البرنامج إلى إيصاله.
محمد باقر الأمين
وفي اتصال مع الإعلامي الأمين، قال لـ”أحوال ميديا” أن “الملف الذي يرتبط بالشهداء حسّاس ومهم، وهذا كان يُعبر عنه في “المنار” بمجموعة برامج كانت نمطية في مقاربة موضوع الشهداء، إذ غالباً ما كانت تعالج سيرة الشهيد، من هنا حاول البرنامج أن يذهب إلى أماكن أكثر حيوية”.
ويضيف “العنوان يعبّر عن المضمون، وهذا العنوان يقول إنّ الشهيد كان يحيا وينقل تمسكه بالحياة من خلال اختصاص معين. والشهداء شريحة تعبّر عن كل أنماط الحياة، فهم مبدعون باختصاصاتهم، وبالوقت ذاته يحملون بارودة للدفاع عن الحياة”.
ويتابع بالقول “البرنامج لاقى قبولاً لدى المشاهدين، وخاصة الفرح في حياة هذه الفئة من الناس”.
وبرأيه “تأتي مقومات نجاح البرنامج- وإن كان المُقدم يساهم به-، لكن تضافر الجهود واجتماع مجموعة من فريق البرنامج، مع اعداد التقارير والمقابلات والفريق اللوجستي، والمُخرج صاحب النجاح والصورة النهائية”. ويتابع “علما أن المُقدم ليس ناقلاً للسؤال، بل يجب أن يتمتع بالثقافة، وأن يكون ضليعاً بالموضوع الذي يُقدّمه، فيضفي فعالية على برنامجه”.
“هي ليست أول تجربة لي” يشرح الأمين، و”أنا اعمل بالإعلام منذ عشر سنوات، لكن هو أول برنامج خاص لي على “المنار”، وإن كنت سابقاً شاركت في مجموعة برامج بالمحطة، وعلى محطات أخرى هي ذات طابع ثقافي وديني”.
ويكشف عن أن “المخطط الأولي للبرنامج كان عبارة عن 14 حلقة فقط، لكن الصدى الإيجابي على مستوى الشكل والمضمون دفع المحطة لاتخاذ قرارها باستكمال الحلقات من خلال موضوعات لها علاقة بالمقاومة بما يُحقق النتيجة المطلوبة من عنوانه “هكذا نحيا”. فثمة نيّة لاستكمال البرنامج”.
يعمل مع مقدم البرنامج فريق إعداد مكوّن من 3 زملاء، هم: نسرين بركات، ويحيى مزيد، وبتول صوّان. أما نشيد البرنامج المميّز (يا رفيقي) فهو من ألحان علي عليق، وكلمات جواد نصرالله، وإنشاد بسام شمص. وقد عُرضت الحلقة الأولى من البرنامج في 13-11-2021 أي بمناسبة “يوم شهيد حزب الله”.