لبنان.. حكاية كيان مأزوم
يوسف الصايغ
إن كان تشكيل الحكومة في لبنان يحتاج الى اكثر من عام، الا ان التجييش المذهبي والطائفي لا يحتاج سوى تصريح من هنا او صورة من هناك عن واقع الحرب الاليمة التي دمرت لبنان ولا تزال، حرب لا زالت حاضرة في النفوس والعقول، بينما يحاول اصحابها ان ينطقوا ويصرحوا بغير ما يكتنزون في اعماقهم التي يبدو انها تواقة الى زمن الحرب ولغة المدفع، كيف لا ونحن منذ ساعات لا نسمع سوى تجييش مذهبي من هنا وخطاب طائفي من هناك
حضرت الخطابات والشعارات التي أعادت عقارب الساعة الى زمن المحاور وخطوط التماس بينما عمل الجيش على الانتشار في ما يسمى بـ”المناطق الحساسة”، لمنع أي احتكاك خوفا من الفتنة وحرصا على السلم الأهلي، شعار لطالما ضجت به الخطابات الى جانب مصطلح “العيش المشترك”، لكن في الحقيقة فلا “سلم” ولا “عيش” ولا جناحين للبنان، بل مجموعات من المذاهب والطوائف التي سرعان ما تتحرك غرائزها الطائفية عند اي مفصل سياسي، فتستحضر خطاباتها وتستنفر شارعها دفاعا عن “المقدسات”.
على مسافة أشهر من الانتخابات النيابية يبدو اننا امام مشهد سوداوي ينذر بما هو أسوأ ربما يترجم بصدامات واحتكاكات، ستكون لزوم شد العصب قبيل معركة الصناديق المنتظرة، والتي يبدو انها ستكون في مهب ما سيحمله القادم من الايام، وربما نشهد ترحيلا للاستحقاق الانتخابي لعام مثلا على ان يسبقه “توافق عشائري” او “صلح قبائلي” على الطريقة اللبنانية، لكن ما بات واقعا ان هذه الصيغة او التركيبة لم تعد قابلة للإستمرار وفق المعادلة الطوائفية والمذهبية التي تستبيح كل شيء تحت شعار الطائفة والمذهب، ولو كان ذلك على حساب دولة مفترضة وشعب موجود.
بإختصار وبغض النظر على خلفية التجييش القائم حاليا وبعيدا عن أي أحكام تتعلق بملف تفجير المرفأ الذي يبقى مسألة محض قانونية وبعيدا عن اتهام اي فريق او جهة ومحاولة استغلال هذا الامر في السياسة لا سيما قبل الموسم الانتخابي، نحن نواجه أزمة كيان مأزوم يدعى لبنان، كيان أراده المستعمر وصفة جاهزة للانفجار عند اي استحقاق، كي نبقى غارقين في غرائزنا ومذاهبنا وعنصريتنا، بعيدا عن الانتماء الى ارض ووطن يحلم به كل انسان له ولأبنائه من بعده.