من أسباب سقوطنا تطيير “النواب” لخطة “التعافي” بدل استصلاحها
في نهاية شهر نيسان من العام 2020 أقرّت حكومة حسان دياب خطة “التعافي المالي” او ما عُرف بـ”الخطة الإقتصادية”، والتي كانت تحمل الكثير من الإيجابيات، كما السلبيات، ولكن النقطة الأكثر إيجابية هي أنها كانت تحتوي على “تدقيق دفتري للخسائر المالية الحاصلة في لبنان منذ عقود”، ولو أن أرقام الدفتر كانت تحتاج الى بحث ونقاش وتفنيد.
كانت الخطة تعتبر لبنان بلداً مفلساً بشكل كامل، وأن لا حلّ سوى باعتماد التقشف لثلاثين وأربعين عاماً، وبالتالي لم تكن تتضمن خطّة واضحة لتغيير الإقتصاد اللبناني من مستهلك إلى منتج، ولم تكن عادلة في كيفية توزيع الخسائر بين القطاعات، وأرادت تحميل اللبنانيين جزءاً كبيراً من الخسائر، ولكنها بنفس الوقت كانت “خطّة” وما أقل الخطط في لبنان، وكانت تممّل المصرف المركزي مسؤولية كبيرة، وقدّرت خسائره، وحمّلت المصارف نسبة كبيرة من الخسائر، وربما هذا ما ساهم بسقوطها.
سقطت الخطة في المجلس النيابي، في لجنة المال والموازنة، بعد تفنيد أرقامها وتبيّن وجود أرقام غير صحيحة، وتمّ مهاجمتها على اعتبار أنها تبنّت وجهة النظر المؤسسات المالية الدولية، و”أوامرها” دون بحث أو نقاش، ولكن ألم يكن من الأجدى تطبيق الخطة وإصلاح بعض بنودها بدل نسفها بشكل كامل.
بالنسبة الى مصادر اقتصادية معنية، فإن تطيير الخطة كان أسوأ بكثير من السير بها رغم ثغراتها، مشيرة إلى أن الحل الأمثل كان استصلاحها وتطبيقها، وما حصل بالفعل هو ضربها وتطييرها ما سهّل وصولنا الى ما نحن عليه، والأسوأ من كل هذا ان النواب والوزراء ساهموا بإظهار لبنان بصورة البلد النتن الذي لا يستطيع مسؤولوه الإتفاق على مصلحة الشعب.
وتضيف المصادر: “لا تستأهل حكومة حسان دياب الدفاع عنها فهي لم تكن على قدر المسؤولية أبداً، لا قبل استقالتها ولا بعدها، ولكن لا يجوز أيضاً نسيان جريمة بعض النواب الذين طيروا الخطة دون بديل، وساهموا عبر أحزابهم بعدم تشكيل الحكومة منذ عام حتى اليوم فغاب التواصل مع المؤسسات المالية الدولية والصناديق والدائنين”، معتبرة أن التشاطر على اللبنانيين لم يعد ممكناً، واليوم من يتباكى على قرار رفع الدعم هم أنفسهم من تسببوا بعدم وجود حكومة.
تُشير المصادر إلى أن من أسباب ما وصلنا اليه هو ما حصل في ربيع عام 2020 بما يخص الخطة الإقتصادية والتفاوض مع صندوق النقد الذي وجد ان التباين في الأرقام بين الحكومة والمصرف المركزي والمجلس النيابي يجعل التفاوض أمراً مستحيلاً، مع الإشارة إلى أن نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، أتاناسيوس أرفانيتيس، كان قد عرض المساعدة لتحسين الخطة إذا اقتضت الضرورة، وهو ما لم يحصل بسبب تواطىء البعض في لبنان.
من المفيد أحياناً ان نستذكر الماضي لنتعلم منه، ولنُعيد ترتيب المسؤوليات على كل المعنيين، ففي النهاية ما يقع على رؤوس اللبنانيين تتحمل مسؤولية القوى في السلطة.