كشف تحقيق أجرته مؤسسة طومسون رويترز أنّ 250 مليون دولار على الأقل من المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة للاجئين والمجتمعات الفقيرة في لبنان ضاعت لصالح المصارف.
تأتي هذه الخسائر في الوقت الذي يصارع فيه لبنان أسوأ أزمة اقتصادية على الإطلاق، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وفقًا للبنك الدولي.
وقد انخفضت قيمة الليرة اللبنانية منذ أن بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار في أواخر عام 2019، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني، ووضع نصف الشعب اللبناني تحت خط الفقر.
إلى ذلك، أثرت أسعار الصرف التي تقدمها المصارف اللبنانية على اللاجئين السوريين والفلسطينيين واللبنانيين الفقراء بشكل خاص.
قبل الأزمة، كان اللاجئون واللبنانيون الفقراء يتلقون تعويضات شهرية قدرها 27 دولارًا، أي ما يعادل حوالي 40،500 ليرة لبنانية، من برنامج الغذاء العالمي.
ارتفع هذا المبلغ الآن إلى حوالي 100000 ليرة لبنانية للفرد، لكن قيمته الحقيقية أصبحت توازي جزءاً بسيطاً مما كان عليه من قبل – حوالي 7 دولارات بالسعر الحالي.
قال أبو أحمد صيبع، وهو لاجئ سوري يدير صفحة على فيسبوك تسلّط الضوء على التحديات التي يواجهها اللاجئون في لبنان: “كانت القوة الشرائية جيدة جدًا، كان يمكننا الحصول على سلة طعام مقبولة”.
لكن الآن، المساعدات لا توفر لنا أكثر من غالون من زيت الطهي. قال والد لخمسة أطفال، يعيش في مخيم للاجئين في شمال شرق لبنان منذ عام 2014: “هناك فرق كبير في القوة الشرائية”.
مساعدة اللاجئين
أكد مسؤول إغاثة ودبلوماسيون من الدول المانحة أنّ ما بين ثلث ونصف المساعدات النقدية المباشرة للأمم المتحدة في لبنان قد ابتلعتها المصارف منذ بداية الأزمة في عام 2019؛ وتحدث الجميع بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وقال مسؤول المساعدات إنّه خلال عام 2020 والأشهر الأربعة الأولى من عام 2021، استبدلت المصارف الدولارات لوكالات الأمم المتحدة بمعدلات أقل بنسبة 40٪ في المتوسط من سعر السوق.
يحافظ لبنان على سعر صرف رسمي يبلغ حوالي 1500 ليرة للدولار، لكن منذ الأزمة لم يتمكن من تطبيق هذا السعر إلا على حفنة من السلع الأساسية. وأصبح يتحتم شراء جميع الواردات الأخرى بأسعار صرف أعلى بكثير، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
وجاءت معظم الخسائر من برنامج مساعدات الأمم المتحدة لعام 2020 بقيمة حوالي 400 مليون دولار، والذي يوفر لنحو مليون لاجئ سوري في لبنان تمويلًا شهريًا للغذاء والتعليم والنقل ومقاومة الطقس الشتوي للملاجئ.
لبنان هو موطن لأكثر من مليون لاجئ سوري، تسعة من كل عشرة منهم يعيشون في فقر مدقع، وفقا لبيانات الأمم المتحدة. وقد تلقت البلاد ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية في عام 2020.
هذا، وقدّر تقييم داخلي للأمم المتحدة في شباط /فبراير أن ما يصل إلى نصف قيمة البرنامج تم استيعابها من قبل البنوك اللبنانية التي تستخدمها الأمم المتحدة لتحويل الدولار الأميركي المتبرع به.
وقالت الوثيقة، التي اطلعت عليها مؤسسة طومسون رويترز، إنّه بحلول تموز (يوليو) 2020، ضاعت “نسبة تبلغ 50٪” من المساهمات من خلال تحويل العملة.
وبحسب وكالة رويترز، نفت جمعية مصارف لبنان (ABL)، التي تمثل البنوك التجارية في البلاد، استخدام المساعدات في زيادة رأس المال.
نقص التمويل
يحصل برنامج الأمم المتحدة الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار والمعروف باسم لويز على تمويل من الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية وألمانيا والمملكة المتحدة وكندا وهولندا وفرنسا من بين دول أخرى، وفقًا لموقعها على الإنترنت.
وهو يضم برنامج الأغذية العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
قارنت مؤسسة Thomson Reuters Foundation معدلات تحويل البنوك للدولار الأميركي في عامي 2020 و 2021 مع أسعار الصرف المتزامنة في السوق لحساب مقدار المساعدة المفقودة. وبلغت الخسائر نحو 200 مليون دولار في 2019 و 2020 وما لا يقل عن 40 مليون دولار حتى الآن في 2021. وقالت إنّ الأمم المتحدة كان يمكن أن توزع بالدولار أو تتفاوض على سعر أفضل مع البنك المركزي اللبناني. فيما لم يرد متحدث باسم البنك المركزي تعليقاً على الأسعار المقدمة للمنظمات الإنسانية.
تتماشى الأرقام مع التقييم الداخلي للأمم المتحدة وتم التحقق منها بشكل مستقل من قبل مسؤول إغاثة. وقال متحدث باسم اليونيسف إنّ الوكالة “قلقة للغاية من أن يتلقى المستفيدون القيمة الكاملة للتحويلات النقدية” وقد أعادت التفاوض مؤخرًا للحصول على سعر قريب من سعر السوق. وقال المتحدث إنها تختبر أيضًا الصرف بالدولار لبعض البرامج.
رفض البنك اللبناني الفرنسي (BLF)، الذي تعاقدت معه وكالات LOUISE لتقديم المساعدة، التعليق على معدلات التحويل غير المنطقية، قائلاً إنه ملزم باتفاقية سرية معها.
وقال متحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن ما بين ثلث ونصف المساعدات التي وزعتها منذ أكتوبر / تشرين الأول 2020 – ما يصل إلى 7 ملايين دولار – ضاعت بسبب تحويل العملة. وحذرت الوكالة مرارا من نقص التمويل.
تبلغ الخسائر الموثقة من برامج لويز وبرنامج الأغذية العالمي والأونروا ما لا يقل عن 250 مليون دولار منذ أكتوبر 2019. بعد ضغوط من وكالات الأمم المتحدة، تقلصت التناقضات بين متوسط سعر الصرف في السوق والسعر الذي تقدمه البنوك، لكنها لم تختف.
أحوال
ترجمة عن وكالة رويترز
