مصادر “أحوال”: ملف ترسيم الحدود قد يطول لأكثر من عشر سنوات
لا عودة للتفاوض بالشروط الإسرائيلية
ثمّة تساؤلات عن أسباب التوجّه الأميركي الجديد لإعادة تحريك ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع فلسطين المحتلة بين لبنان و”إسرائيل”، لا سيّما مع زيارة الوسيط الأميركي في هذا الملف، السفير جون دوروشيه إلى بيروت منذ أيام قليلة.
مصادر “أحوال” رجّحت عودة الوفدين المفاوضين اللبناني و”الإسرائيلي” إلى طاولة التفاوض برعاية الأمم المتحدة والوسيط الأميركي في الناقورة لاستكمال التفاوض، وذلك بعد تجميده عقب جلسة التفاوض الأخيرة منذ حوالي الشهر؛ إذ رفض الوفد اللبناني في الجلسة السادسة الشروط الإسرائيلية، كما رفض الحضور في الجلسة التي كانت مقرّرة في اليوم التالي حتى تراجع الوفد الإسرائيلي عن شروطه، ومنذ ذاك الوقت بقيت المفاوضات مجمدة”.
وعشية احتمال إعادة إحياء المفاوضات، يقوم الوفد العسكري اللبناني المفاوض في ملف ترسيم الحدود الجنوبية، بسلسلة زيارات على المرجعيات الرئاسية لإطلاع المسؤولين المعنيين على ما آلت إليه المفاوضات في جلستها الأخيرة وإمكانية العودة إلى المفاوضات إذا ما دعى الوسيط الأميركي إليها.
وبعد زيارته بعبدا منذ أيام، زار الوفد اليوم رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حساب دياب في السراي الحكومي بحضور مستشاري رئيس الحكومة العميد حسني ضاهر وخضر طالب. وضمّ الوفد العسكري العميد الركن بسام ياسين، العقيد الركن مازن بصبوص، السيد وسام شباط والسيد نجيب مسيحي. وأطلع الوفد الرئيس دياب على ما وصلت إليه المفاوضات فيما يتعلّق بترسيم الحدود جنوبًأ.
وأشارت مصادر مطلعة على الملف لـ”أحوال” إلى أنّ “الموقف الرسمي اللبناني لم يتغيّر برفض أية شروط إسرائيلية، وقد أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوفد خلال زيارته بعبدا أن لدى لبنان خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات.
وأشار المصادر إلى أن “الوفد اللبناني اعترض في جلسة التفاوض الأخيرة على الشروط التي وضعها الوفد الإسرائيلي وأهمها حصر التفاوض على مساحة الـ 860 كيلو متراً مربعاً، فيما تمسّك الوفد اللبناني بالتفاوض من الخط 29 أي توسيع المساحة المتنازع عليها لتشمل 1290 كلم مربع.
ولفتت المصادر إلى أنه “وبعد تعنت الوفد الإسرائيلي، طلب الرئيس عون من الوفد المفاوض عدم استكمال التفاوض بشروط مسبقة”. وكشفت أن “موقف الوفد اللبناني فاجأ الوفد الإسرائيلي وكذلك فاجأ الوسيط الأميركي الذي أجرى سلسلة إتصالات للإستفسار عن حضور الوفد من عدمه في الجلسة التالية، ولم يتأكد من هذا الأمر إلا عند الساعة 11 ليلاً قبل انطلاق الجلسة الثانية التي لم تحصل”.
وبحسب أجواء الوفد اللبناني العسكري التي أفادت بها المصادر نفسها لموقعنا، فإنّ “أي عودة للتفاوض لن تتم قبل تراجع العدو عن موقفه الأخير وشروطه المسبقة التي تعرقل استمرار التفاوض”؛ مؤكدة على أن “لبنان لن يتراجع عن خط الـ29 الذي يثبت حقوقه في الثروة النفطية ويحمي البلوكات البحرية في المياه الإقليمية اللبنانية”. وتلفت الأجواء إلى أن “تمسك لبنان بالخط 29 نسف كل الخطوط الأخرى التي تقدم بها وسوّق لها الموفدون الأميركيون السابقون وكل الشروط والخطوط الإسرائيلية، وفرض أمراً واقعاً جديداً انطلاقاً من حقوق لبنان السيادية والموثقة”.
وفيما ربطت أوساط مراقبة بين عودة الوسيط الأميركي وإعادة تحريك الملف، وبين التغيير الذي طرأ فجأة في المشهد السياسي الحكومي في إسرائيل_ في ظل رهان أميركي على التوصل إلى تسوية مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي جاءت بمساعٍ أميركية، أوضحت المصادر المطلعة لموقعنا أن “لا ربط بين الحدثين، كون الوسيط الأميركي قرّر موعد زيارته إلى بيروت قبل أن يتبين ما آل إليه الوضع الحكومي في إسرائيل”.
وعن مدى الرهان على تسوية الملف واستفادة لبنان من ثروته النفطية لإعادة النهوض الاقتصادي، توقعت المصادر أن “يمتد أمد المفاوضات طويلاً ربما لعشر سنوات بسبب التعقيدات في الملف السياسية والتقنية والاقتصادية وحاجة الطرفين إلى استخراج النفط وتمسكهما بشروطهما في الوقت نفسه”. وأكدت أن “ربط مصير الأزمة اللبنانية الاقتصادية باستخراج واستثمار النفط غير واقعي وعملي، بل إنّ الثروة النفطية تشكّل خلاصاً للبنان على المدى الطويل لكن ليس على المدى القصير، وبالتالي الإنقاذ يكون عبر تأليف حكومة جديدة وإصلاحات مالية واقتصادية ونقدية”.
محمّد حميّة