الأسوأ لم يأتِ بعد… لا نهاية لكوفيد عالمياً حتى إنقاذ الهند
أطباء يطلقون نداءً واسع النطاق لإغاثة البلد المنكوب
تسجّل الهند، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، الأرقام القياسية العالمية لأكبر عدد من الإصابات الجديدة؛ حيث يتم التبليغ عن أكثر من 400000 حالة جديدة يوميًا، وهو رقم يقدّره معظم خبراء الصحة بأنّه أقل حتى من العدد الحقيقي.
ورأى أطباء أنّ الأسوأ لم يأتِ بعد على الهند والعالم؛ وأطلقوا نداء إسثغاثة إلى العالم دعوا من خلاله إلى ضرورة تكثيف الجهود لمساعدة الهند في أزمتها، وخصّصوا بالذكر الولايات المتحدة، وحمّلوها مسؤولية لعب دور قيادي في دعم أكبر للبلاد التي يغلّفها الموت من كل حدب وصوب. وأوضح الأطباء أنّ العواقب بالنسبة للعالم ستكون مدمّرة إذا ما فشلت المحاولات للسيطرة على الأزمة هناك.
لماذا تؤثر أزمة كوفيد في الهند على العالم؟
كتب أطباء وخبراء صحّيون أميركيون من أصل هندي، مقال رأي في شبكة CNN، ناشدوا من خلاله الولايات المتحدة الأميركية مساندة بلادهم؛ (الأطباء هم: بهافنا لال، وبوجا غالا، وريشما غوبتا، وجاي بهات، وشيخا جين، وعلي خان، وليبي روي، وفينييت أرورا). واستعرضوا الأسباب الموجبة لتدخل كافة البلدان لإنقاذ الهند والعالم من جائحة الفيروس التاجي:
أولاً، يثير استمرار انتشار كوفيد في الهند، ظهور متغيّرات أكثر خطورة، ما يعيق تقدّم العالم في احتواء الوباء. فبالإضافة إلى المتغيّر B.1.1.7 الذي انتشر بالفعل في جميع أنحاء العالم، إنّ المتغيّرتان B.1.617 و B.1.618 تنتشران الآن أيضًا في جميع أنحاء الهند وبسرعة قياسية. ويُشتبه في أنّ هذه المتغيّرات الأحدث هي أكثر قابلية للانتقال، وربما تكون قادرة على التهرّب من مناعة التطعيم أو العدوى السابقة. وانتشر B.1.617 بالفعل في أكثر من 20 دولة خارج الهند، بما في ذلك الولايات المتحدة؛ في هذا السياق، أوضح الخبراء أنّ أي متغيّر جديد سيهدّد الإنتعاش الاقتصادي والدافع نحو مناعة القطيع عالمياً.
ثانيًا، الهند هي مورّد رئيسي للقاحات والأدوية في جميع أنحاء العالم. وقد وافقت على توريد اللقاحات إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل (LMICs) من خلال Covid-19 Vaccines Global Access (COVAX). كما أنها مُصنِّعة لـ remdesivir، وهو دواء يُستخدم بشكل روتيني لتقليل الإصابة بمرض كوفيد-19 الحاد. لذا، برأي الأطباء، إنّ أزمة الهند ستُضعِف من قدرة العالم على مكافحة الوباء، كما ستفقد العديد من البلدان شريان حياة بالغ الأهمية من اللقاحات والأدوية.
ثالثًا، أميركا هي المستفيد المباشر من صحة الهند ورفاهها الاقتصادي. حيث تُعد البلاد حليفًا اقتصاديًا وأمنيًا إقليميًا رئيسيًا، وكان للأطباء من أصل هندي دور فعّال في سدّ الفجوات الحرجة في القوى العاملة في الولايات المتحدة، وفي المساعدة على توفير الرعاية المنقذة للحياة أثناء الوباء. والهند هي أكبر مصدّر للأطباء في العالم. وبالتالي، فإنّ الاستثمار في الهند مرادف للاستثمار في البنية التحتية للرعاية الصحية.
كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الهند؟
تعقيباً على الوضع المأساوي في الهند، وحول دور الولايات المتحدة في إغاثة البلاد، قال الدكتور أنتوني فوشي، كبير المستشارين الطبيين للرئيس جو بايدن: “نحن بحاجة فعلاً إلى فعل المزيد”. فيما يرى الأطباء أنّه على الولايات المتحدة أن تقود الدبلوماسية والتخطيط الصحي على المدى الطويل.
كخطوة أولى_بحسب هؤلاء، يجب على الولايات المتحدة نقل جميع جرعات اللقاح الفائضة إلى الهند والدول الأخرى المحتاجة؛ ملمحين بذلك إلى لقاح أسترازينيكا، ومطالبين بإطلاق المخزون غير المستخدم كبداية. وأوضحوا أنّ هذا اللقاح غير مصرّح باستخدامه في الولايات المتحدة، ومع ذلك فإنّ ملايين الجرعات بقيت “معلّقة”. و أضافوا أنّه ليس من مصلحة الولايات المتحدة تخزين اللقاحات؛ بدلاً من ذلك، عليها ضمان توزيعها بشكل عادل على البلدان التي هي في أمس الحاجة إليها. “فعدالة اللقاحات العالمية فاضحة، حيث يتم تخصيص 0.3 ٪ فقط من إمدادات لقاح كوفيد_19 العالمية حاليًا للبلدان منخفضة الدخل”.
وتابع الأطباء في مقالهم المشترك، أنّه يجب على الولايات المتحدة أيضًا مساعدة الهند والدول الأخرى في تصنيع اللقاحات والأدوية والإمدادات للتغلّب على الوباء. ولفتوا إلى أنّ أكبر مصنع للقاحات في العالم، Serum Institute of India، غرّد مطالباً برفع الضوابط الأميركية عن صادرات المواد الخام الرئيسية لإنتاج اللقاح. ويُعّد إلتزام الولايات المتحدة الأخير، بإرسال المواد الخام والمساعدات إلى الهند، بداية ضرورية لتلبية بعض احتياجات الهند العاجلة من فيروس كوفيد. ومع ذلك، هناك حاجة إلى المزيد، كإمدادات معدات الحماية الشخصية، والأوكسجين الضروري، والتبرعات النقدية خلال هذه الأزمة غير المسبوقة.
في ندائهم المستغيث للمساعدة في إنهاء الوباء العالمي، طالب الخبراء الولايات المتحدة، أن تدعم التنازل عن براءة الاختراع، مما يسمح للهند وغيرها من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بإنتاج لقاحات خاصة بها؛ من خلال تعزيز التعاون مع البلدان الأخرى، وزيادة التمويل من الموارد المجمعة، ونقل التكنولوجيا والمساعدة من الموردين الحاليين. وأوضحوا أنّ هناك حاجة لمساعدة هذه البلدان في الحصول على أدوات للاختبار السريع والتشخيصي RT-PCR والتسلسل الجيني للمتغيرات الناشئة.
وختم الأطباء الأميركيون من أصل هندي، أنّه يجب على القادة السياسيين الأميركيين، دعوة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، لاتخاذ تدابير أكثر صرامة للحدّ من انتشار الوباء، والدعوة إلى مزيد من الشفافية في الإبلاغ عن الحالات والوفيات.
وقالوا: “نحن على دراية بالآثار المدمّرة من إدارة قامت بقمع المعلومات الهامة، وتقليل شدة الوباء، وتجاهل نصيحة المجتمع العلمي”. ولفتوا إلى أنّه بغياب الجهود لتخفيف الإنتشار، ستتجاوز وفيات الهند، إجمالي وفيات الولايات المتحدة وقريبًا جدًا. وأشاروا إلى أنّه في حين بدأت الولايات المتحدة في تقييد السفر من الهند، يجب أن تتذكر أنّ حظر السفر لا يمكنه إنهاء جائحة عالمية؛
كما طالبوا الولايات المتحدة أن تقود دبلوماسية الصحة العالمية لإنهاء الوباء؛ على اعتبار أنّ العالم يسجّل أعلى عدد من حالات كوفيد، ثلثه من الهند.
لطيفة الحسنية