هل يكون صوم رمضان هذا العام لمن استطاع إليه سبيلاً… ماذا يقول الشرع؟
وجد التجّار الذريعة التي يحتاجون إليها لرفع قيمة أرباحهم من جديد، فعندما وصل سعر صرف الدولار إلى 15 ألف ليرة ارتفعت أسعار السلع، ولا تزال ترتفع رغم أن الدولار عاد إلى حدود الـ 13 ألف ليرة، وهذا ما يجعل السؤال عن مصير الأسعار في شهر رمضان أمراً واجباً، ولو أن المعنيين يحاولون الهروب إلى الأمام. فهل يصبح “الصوم” كفريضة الحج، لمن استطاع إليه سبيلا؟
يكاد يكون من المستحيل هذا العام على العائلات الفقيرة أن تحصل على وجبة “الفتوش” خلال الإفطار، فأسعار الخضار باتت مرتفعة جداً، هذا دون الحديث عن اللحمة والدجاج، ما يجعل الفقراء أمام واقع صعب خلال استقبالهم شهر رمضان بعد أيام.
الفقر لا يبرر عدم الصوم
يعتبر مدير عام الأوقاف في دار الإفتاء سابقاً الشيخ هشام خليفة أن المؤمن ينطلق من قواعد أساسية لأن الظروف تتغير، وحتى لا تضيع عليه الطريق هناك أركان وأسس وقواعد ينطلق من خلالها لا تتغير إلا بظروف قاهرة، فعند الضرورة القصوى التي تحمل الهلاك للنفس فحتى المحرمات تصبح حلالاً للإنسان.
ويضيف في حديث لـ”أحوال”: “الصيام ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرض فرضه الله على جميع الديانات مع بعض الإختلافات، والصيام مبدأ ينطلق في أي حال وأي مكان، ولكن من باب التيسير الإسلامي هناك حالات تُسقط الفرائض عن أصحابها، فالصوم مفروض على كل مكلّف عاقل، مقيم وصحيح”، مشيراً إلى أن المكلف العاقل هو من بلغ سن الرشد، والمقيم أي أن لا يكون مسافراً فالسفر يُسقط الصوم دون إثم على أن يُعاد لاحقاَ، أما الصحيح فهو من ليس به علّة ومرض.
إذا، بحسب الشيخ خليفة فالفقر ليس من موجبات الإفطار، وأجدادنا عاشوا الفقر ولم يتخلوا عن الصيام، مشيراً إلى أن وضع اللبنانيين ليس مختلفاً عن أوضاع شعوب مسلمة كثيرة في العالم، وفي لبنان لا تزال المواد الغذائية متوفرة، وأن ارتفع ثمنها، وربما يكون هذا الوضع دافعاً لتحقيق الحكمة من الصوم.
“الفقر ليس سبباً للإفطار، ولكنه سبب لتحميل شريحة من الشعب والمسلمين مسؤولية عدم كفاية الفقراء، فتخزين الأموال وتكديسها سيحاسب الله عليها، وبالتالي في هذا التوقيت تزيد المسؤولية على الأغنياء”.
السنّة والشيعة متشابهان
لا فرق بين السنّة والشيعة في هذا الأمر، ففي العام الماضي مثلاً، كانت “كورونا” تشغل بال العالم، وتم طرح الكثير من التساؤلات حول إمكانية سقوط الصيام عن المسلمين بسبب هذا الفايروس، ولكن الجواب الذي جاء على لسان المرجعية الشيعية في النجف كان أنّ “وجوب صيام شهر رمضان تكليف فردي، فكل شخص توفرت فيه شروط الوجوب لزمه الصيام بغض النظر عن وجوبه على الآخرين أو عدم وجوبه عليهم، وأنه من المعلوم ان صيام شهر رمضان من أهم الفرائض الشرعية ولا يجوز تركه الا لعذر حقيقي، وكل إنسان أعرف بحال نفسه في أن له عذراً حقيقياً في ترك الصيام أو لا”.
وأشارت المرجعية إلى “أن وجوب الصيام في نهار شهر رمضان إنما يسقط عمن له عذر شرعي كالمريض ومن يخاف أن يصاب بالمرض إن صام”، وبالتالي، فإن الفقر ليس سبباً للتوقف عن الصوم، وهو بكل تأكيد غير موجب لسقوط فريضة الصيام على من عليه واجب الصوم في شهر رمضان.