هل أدّت “المنصّة المشتركة” على تويتر بين حزب الله وحركة أمل مهمّتها في منع التصادم بين الإخوة؟
منذ سنوات تحوّل عالم “تويتر” في لبنان إلى حلبة صراع بين الجيوش الإلكترونية، وبات لكل حزب جيشه، ولكل شخصية مشجعيها الذين يتصدّون للدفاع عنها في شتى المواضيع التي تطالها، وفي خضمّ هذه المشاكل، كان للصراع الإفتراضي بين جناحي الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل حصة وازنة، إذ كانت الصراعات على “تويتر” تشهد حماوة حيناً وبرودة أحياناً، طبعاً حسب المواضيع والمناسبات، ولأجل ضبط هذه المسألة وُلدت فكرة ما عُرف بـ”المنصة”.
المنصّة لمواجهة الحسابات المشبوهة
في تموز من العام الماضي أعلنت قيادتا “حركة أمل” و”حزب الله” نيّتهما إنشاء منصة مشتركة على وسائل التواصل الإجتماعي لأجل محاولة ضبط هذا العالم ومنع المصطادين بالماء العكر اللبنانيين والأجانب، من استغلاله لأجل إحداث الشرخ بين جمهور الفريقين، تقول مصادر مواكبة لفكرة إنشاء هذه المنصة وقيامها بمهمتها، مشيرة عبر “أحوال” إلى أن الهدف لم يكن من الأساس فرض المواقف على الجمهور، إنما الفكرة جاءت بعد أن أصبح عالم “التواصل الإجتماعي” مخترقاً من قبل العدو الإسرائيلي، وأصبحت الحسابات الوهمية منافسة شرسة للحسابات الحقيقية.
لم تكن فكرة المنصة المشتركة جديدة من حيث الوظيفة، فمنذ ثلاثة أعوام تقريباً بدأت لقاءات التنسيق بين حركة أمل وحزب الله حول مسألة العالم الإفتراضي لانه لم يكن بالإمكان تجاهل ما يحصل فيه، ولم يعد بالإمكان تصوّر أنّ ما يجري على متنه لن ينتقل إلى الحياة الواقعية، لذلك تشير المصادر إلى أن الفكرة قديمة، ولكنها تبلورت في تموز بعد معركة تويترية شرسة بين مناصري الطرفين.
تضيف المصادر: “أردنا من خلال عمل هذه المنصة أن نحاول تعميم المواقف المشتركة، ونواجه الحسابات المشبوهة التي تسعى لتعميم الفتنة، دون ان نمسّ بحرية التعبير لأحد، علماً أننا أردنا الإضاءة على فعالية الحسابات المشبوهة والوهمية وكيف تعمل في الخفاء لتغذية أي خلاف، ولكي يصبح المغرد قادراً على التمييز بين الحسابات الواقعية والوهمية والتفريق بينهما لناحية التفاعل مع ما يكتبونه”، مشيرة إلى أنه لأجل هذه الغاية تم إنشاء فريق عمل مشترك بين التنظيمين، يتواصل عبر مجموعة على تطبيق “الواتساب”.
على متن هذه المجموعة يتم التطرق للتغريدات المسيئة، أو تلك التي تحتاج إلى توضيح، ويقوم كل طرف بما عليه لأجل محاصرة وتطويق أي إشكال يحصل، مع العلم أن المنصة حالياً غير موجودة على التويتر بشكل رسمي، ولم تصل إلى كامل أهدافها بعد ولا تزال بحاجة إلى تطوير لكي تقوم بكامل واجباتها.
فعالية المنصة محدودة
بعد الحديث عن نية إنشاء المنصة تحوّل الموضوع إلى “المزح والنكات” على وسائل التواصل، فكثُرت الحسابات التي تتخذ من “المنصة المشتركة” إسماً لها، ربّما لأن الغاية الحقيقية لم تصل إلى “الناس”، وبقيت محصورة بفكرة منع الصدام بين جمهور الفريقين، ولعلّ أداء المعنيين اليوم ساهم أيضاً بفقدان “هيبة” هذا الفعل، إذ يرى مراقبون أن الصدامات لم تتوقف، والمفارقة هنا أن الحسابات التي تُطلق الصراعات التويترية وتشارك بها وتتفاعل معها هي نفسها بأغلب الأحيان، وبالتالي لو أراد المعنيون تحقيق الأهداف عليهم التعامل مع هذه الحسابات بجدية، عبر القول أنها مسيئة لعلاقة التنظيمين وإعلان ذلك.
لا يكاد يمرّ أسبوع دون حصول مناوشات بين مناصري حركة أمل وحزب الله على وسائل التواصل، أحياناً لأسباب سياسية وأحياناً لأسباب أخرى، وبالتالي بحال أراد الطرفان الحؤول دون تعميق الهوّة بين المناصرين في موضوعات متنوعة، فعليهم بحسب المراقبين أن يتعاطوا بجدية أكبر مع هذه المواضيع، وشرحها وإطلاق المواقف العلنية منها، خصوصاً أن عالم التويتر يتجه صعوداً، ولا يمكن التعاطي معه إلا بجديّة مطلقة.
وفي هذا السياق تؤكد المصادر المواكبة لفكرة إنشاء المنصة أنه لا يمكن لأحد ضبط هذا العالم بنسبة مئة بالمئة، وحركة أمل وحزب الله ليسا تنظيماً واحداً، ويحق للمناصرين التعبير عن آرائهم بحرية، ولا بأس ببعض الإختلاف أحياناً وحتى ببعض النقاشات الحامية، ولكن ما يسعى القيمون على هذا الملف فعله هو منع التمادي وقلة الإحترام، لأن هذه الطريقة بالتعبير تخرج عن سياق الأدبيات التي يحاول الطرفان الحفاظ عليها، مشيرة إلى أنه بكل تأكيد يحتاج التنسيق إلى تفعيل أكثر، وتحتاج آلية التنسيق إلى تطوير، وهذا أمر يتم بشكل شبه يومي ولن يتوقف.
محمد علوش