ملفات ساخنة

ملصقات في دمشق تهاجم عيد الميلاد وتصفه بـ”الكفر والشرك”.. وسط صمت سلطة الجولاني

اعداد أحوال ميديا

في مشهد أثار جدلًا واسعًا بين سكان العاصمة السورية، انتشرت مؤخرًا ملصقات في عدد من شوارع دمشق تدعو المسلمين إلى عدم الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، وتصف المشاركة فيه بأنها “كفر” و”شرك”. وتأتي هذه الدعوات في وقت تروج فيه وسائل الإعلام الرسمية لخطاب التعايش والتعددية، ما يعكس تناقضًا صارخًا في الخطاب العام داخل البلاد.

الملصقات، التي ظهرت على لوحات إعلانات عامة في أحياء متفرقة، تتضمن عبارات دينية مقتبسة من القرآن الكريم، وتُرفق برموز بصرية مثل يد مرفوعة داخل إكليل عيد الميلاد، في إشارة إلى الرفض القاطع للاحتفال. إحدى أبرز العبارات تقول: “أنا ما بحتفل بالكريسمس لأنه قال الله تعالى: (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)”، دون أي معلومات إضافية عن الجهة المنظمة أو خلفيتها.
ورغم عدم صدور أي تعليق رسمي من وزارة الأوقاف أو الجهات الأمنية، فإن هذه الظاهرة تتزامن مع خطب دينية في بعض المساجد تدعو المسلمين إلى عدم مشاركة المسيحيين في أعيادهم، وتصف ذلك بأنه “انسياق وراء مظاهر لا تمت للإسلام بصلة”. هذا الخطاب يثير قلقًا متزايدًا لدى أبناء الطائفة المسيحية في دمشق، الذين باتوا يشعرون بأن وجودهم الرمزي في الفضاء العام مهدد.
وفي حديث لـ”أحوال ميديا”، عبّر عدد من سكان دمشق عن استيائهم من هذه الملصقات، معتبرين أنها “تغذي الانقسام الطائفي” و”تتناقض مع تاريخ المدينة الذي عرف التعايش بين مختلف الطوائف”.
اللافت أن الإعلام الرسمي السوري، خاصة التلفزيون الحكومي، يواصل تغطية فعاليات عيد الميلاد في دمشق القديمة، وينقل صورًا لزينة الشوارع والمحال التجارية، في محاولة لإظهار صورة من التعايش والتسامح. هذا التناقض بين الخطاب الرسمي والممارسات الشعبية يطرح تساؤلات حول قدرة الدولة على ضبط الخطاب الديني في الفضاء العام، خاصة في ظل تراجع عدد المسيحيين في سوريا إلى أقل من 300 ألف بحسب تقديرات غير رسمية.
ان انتشار هذه الملصقات في شوارع دمشق لا يمكن فصله عن السياق السياسي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد بعد سنوات من الحرب والانقسام. وبينما يحاول البعض الحفاظ على مظاهر التعايش، تظهر أصوات متشددة تسعى إلى إعادة تعريف المجال العام وفق رؤى دينية ضيقة. ويبقى السؤال: هل ستتدخل السلطات لضبط هذا الخطاب، أم أن الصمت الرسمي سيُفسر كنوع من القبول الضمني؟

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى