
من باب الواجب الإعلامي في الإضاءة على المحطات البطولية التي سطرها أهالي محافظة السويداء رجالا ونساء وأطفال في مواجهة الغزوة البربرية التي تعرضوا لها على أيدي عصابات الجولاني في منتصف تموز الفائت، كان لا بد من تسليط الضوء على فصل من فصول ملاحم البطولة التي شهدتها السويداء قبل ايام معدودة وتحديدا في التاسع من تشرين الثاني الحالي والذي تحول إلى ملحمة بطولية بكل ما للكلمة من معنى.
بطلة القصة إمراة من بني معروف (نتحفظ عن ذكر الإسم لأسباب أمنية) كانت متجهة مع عدد من النساء برفقة صاحب الأرض (ب.ح) إلى منطقة في غرب السويداء من أجل كسب رزقهن من قطاف الزيتون، لكن القدر كان يخبئ لهن اختباراً يسجل في تاريخ الدفاع عن العرض والشرف.
الخوف يتحول إلى قوة
في منطقة تبعد مسافة 2 كم عن غربي السويداء كانت قد تسللت مجموعة إرهابية من عصابات الجولاني التابعة لما يسمى بـ ” الأمن العام “، وتضم أحد عشر إرهابياً مدججين بالسلاح خططوا لكمين غادر، حاولوا من خلاله خطف المجموعة وأخذ النساء سبايا بعد ان استباحوا كل مقدس، وظنوا أنهم أمام فرصة سهلة.
وفي هذه اللحظة الحرجة وقفت رئيسة الورشة “إبنة السويداء” وقفة الأبطال، فهي لم تتردد ولم تهرب، بل سحبت سلاحها “الكلاشنكوف” الذي اشترته من تعب يديها وعرق جبينها، وقررت أن تواجه الموقف بكل شجاعة وحزم.
بنت بني معروف لا أذهب سبية يا كلاب الجولاني
خاضت البطلة المعروفية الحرة إبنة السويداء الآبية اشتباكاً بطولياً مع العصابة الإرهابية، أطلقت خلاله مائة رصاصة من بندقيتها، ليس بهدف القتل بقدر ما هدفت إلى إثبات مبدأ: “بنات بني معروف لا يذهبن سبايا”.
كانت تطلق النار وهي تردد بصوت عالٍ يملأ السهل: “أنا بنت بني معروف لا أذهب سبية يا كلاب الجولاني!”
أمام هذه الإرادة الفولاذية، لم يجد الإرهابيون خيارا امامهم سوى الفرار كالجرذان المذعورة، ليس من السلاح بل من إرادة أمة متجسدة في امرأة واحدة، بعدما سجلت موقفا تملأه العزة والكرامة.
واللافت أنه رغم تعرض “إبنة السويداء” تعرضت الى كسر في يدها ، لكنها آثرت أن تتكسر عظامها على أن تُمس كرامتها وكرامة النساء والبنات اللواتي كن برفقتها في العمل، إنها جراح الشرف وشهادة على أن الحرائر لا يستسلمن.
وبعد وقت قصير تدخلت قوة من الحرس الوطني من إحدى نقاطه القريبة من موقع الملحمة، ليؤمن الحماية والمساعدة لهذه الحرة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه.
درس في الكرامة
هذه القصة ليست مجرد حدث عابر بل رسالة إلى كل من تسوّل له نفسه المساس بأعراض وأرض وكرامة بني معروف، وهي دليل بأن المرأة في مجتمعنا ليست ضحية، بل هي حارسة للشرف والكرامة.
لقد دخلت هذه السيدة التاريخ، كما دخلت قبلها المناضلات أمثال بستان شلغين وسعدة ملاعب، ليكتبن بأحرف من نور ونار أن امرأة بني معروف جبل شامخ لا تنحني، وصخرة صلبة لا تكسر، فهي قدوة لكل امرأة درزية ترفع رأسها عالياً لأنهن جواهر هذا الجبل الأشم وسيدات كرامته.
وخلف وراء كل رجل درزي حر في السويداء إمرأة درزية لا تقل عنه صلابة وشعورا بالكرامة حيث يخوض رجال ونساء بني معروف معركة الكرامة مؤكدين أن دماءنا وأعراضنا خط أحمر لا يمكن مقايضته.



