سياسة

الجولاني في نيويورك: ضوء أخير لزعيم مكشوف قبل سقوطه الحتمي؟

خاص أحوال ميديا

الاستضافة الأمريكية لأي زعيم لم تعد سوى مشهد مكرر من مسرحية مأساوية معروفة النهاية. اليوم، يتصدر أبو محمد (الجولاني) المشهد، ممثلاً في مسرحية نيويورك، حيث الابتسامات المصطنعة والتصريحات الدبلوماسية لا تخفي إلا مصلحة جافة، تصنع “الأبطال” لتمحيهم عندما تنتهي صلاحيتهم. التاريخ يعلمنا أن من تخلّى عنه شعبه، لا يمكن لأي دعم أمريكي أن يبقيه، والجولاني هو أحدث نموذج لهذه القاعدة.

جرائم لا تغتفر.. وشرعية مزيفة

كيف يمكن لواشنطن أن تستضيف رجلاً تلطخت يداه بدماء آلاف السوريين ومن قبلهم الجنود الأمريكان بالعراق ؟ وقام بمجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في الساحل السوري، والسويداء، وصولاً إلى تفجير الكنائس ومجازر الاشرفية وصحنايا وجرمانا وتدمير مقومات الحياة، ها هو الجولاني يقدم إلى العالم “كشريك”! إنها سلسلة جرائم لا يمكن لصورة في البيت الأبيض أن تغسل عارها. لقد خسر الجولاني شعبه، وأصبح وجوده يعتمد على البندقية الأمريكية وليس على الإرادة الشعبية، تماماً كما كان حال حسني مبارك الذي سقط في 18 يوماً بعد ثلاثين عاماً من “التحالف الاستراتيجي”.

الجولاني ومرسي.. السيناريو يتكرر

لن نذهب بعيداً في التاريخ، فلنتذكر محمد مرسي، الرئيس المصري المنتخب، الذي زار واشنطن في 2012 وسط ترحيب حذر، ليُخلع بعد عام واحد فقط ويعيش محاصراً حتى مماته. الجولاني يسير على نفس الدرب: زيارة إلى أمريكا تليها وعود بدعم لن يأتي، ثم يتم التخلي عنه عندما تصبح كلفته سياسياً أعلى من منفعته. الفارق الوحيد أن سقوط مرسي كان داخلياً، بينما سقوط الجولاني سيكون أكثر مأساوية لأنه فقد سنده الخارجي والداخلي معاً.

من هو الجولاني في المعادلة الأمريكية؟

الجولاني ليس أكثر من أداة مرحلية في لعبة أكبر. هو ليس “حليفاً” بالمعنى الاستراتيجي، بل هو ورقة يمكن التضحية بها في أي لحظة، كما ضحّت واشنطن من قبل بالشاه الإيراني وأنور السادات وحسني مبارك. لقد أصبحت جرائمه عبئاً على سمعتها، ودعمه المباشر يشعل الغضب الشعبي في المنطقة. واشنطن تدرك أن شرعيته منعدمة، وأن بقاءه يعتمد كلياً على دعمها، ما يجعله أداة طيعة لكنها قصيرة الأجل.

مصير محتوم: من البيت الأبيض إلى غياهب النسيان

عقيدة واشنطن واضحة: “لا أصدقاء دائمون، بل مصالح دائمة”. عندما تدرك أن الجولاني لم يعد يخدم مصالحها، ستسحب البساط من تحت قدميه، تماماً كما فعلت مع حلفائها السابقين. بريق الكاميرات اليوم لن يحميه من مصير ياسر عرفات المحاصر، أو من مذلة حلفاء أمريكا في سايغون وكابول وهم يتعلقون بمعدات الطائرات هاربين.

الدرس المستفاد

الرسالة إلى السوريين والعالم واضحة: لا تنخدعوا بصور الجولاني في نيويورك. القوة الحقيقية لا تأتي من البنتاغون، بل من إرادة الشعب وشرعية النضال. من يبني وجوده على الدعم الخارجي على حساب دماء شعبه، فإن مصيره سيكون أشبه بمصير مرسي: ضجة إعلامية لحظة الزيارة، ثم سقوط حر لا محالة عندما تتغير الحسابات. الجولاني يعيش آخر أيامه “كبطل” مصنوع في واشنطن، وسيسقط كما سقط من قبله، لأن من خسر شعبه لا يمكن لأي قوة في العالم أن تبقيه.

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى