البطاقة الجامعية تتحوّل إلى “ورقة نعوة” في الجامعة اللبنانية – فرع زحلة
هي معاناةٌ امتدّت لسنوات. أشبه بقصة ابريق الزّيت، ولكنها قصةٌ حزينة. فما يُفترض أن ينتهيَ بفرحةِ تخرجٍ ينتهي بدمعةٍ. وبدايةُ الحلمِ تتحوّل كابوسًا. إسراء إبراهيم أيوب، ابنة بلدة المنارة البقاعية، ذات السبعة عشر ربيعًا، انتسبت لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية – فرع زحلة، ليكون هذا عامها الجامعي الأول، وللأسف الأخير من حياةٍ لم تعش منها إلى القليل.
فمن المؤلم أن يتم تداول بطاقةٍ جامعيةٍ تختزل معاني الأمل والاجتهاد كـ”ورقة نعوةٍ” أو كإشارةٍ تدلّ أهلًا في أيّ مستشفى تقبع جثةُ ولدِهم أو ابنتِهم.
إسراء لم تكن أولى ضحايا حادثِ سيرٍ على أوتوستراد زحلة، يذهب ضحيته أحد طلاب الفرع الرابع في الجامعة اللبنانية الذي تتوزع مبانيه على جانبيّ الطريق من دون جسر مشاةٍ يربطهما ويساعد الطلّاب وغيرهم على العبور من جهةٍ إلى أخرى دون تعريض حياتهم للخطر.
مطلب تشييد جسور مشاة عند مداخل كليات الجامعة اللبنانية – الفرع الرابع قديمٌ قِدم هذه الكليات، ولطالما شكّل مأساةً كبيرةً لطلّابها، إذ فاق عدد الضحايا منهم العشرين، ويكاد لا يمر عامٌ من دون وقوع حوادث، وتحديدًا عند مدخليّ كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية وكلية الآداب والعلوم الانسانية وفق ما يؤكد لـ”أحوال” المتحدثون باسم المجالس الطالبية في الفرع الرابع.
ويضيفون: “لقد بُحّ صوتنا كطلّاب، سواء من خلال المجالس او المجموعات الطالبية وحتى الجمعيات الأهلية من خارج الجامعة ونحن نطالب بجسرٍ للمشاة. طرقنا أبواب جميع الجهات المعنية من بلدياتٍ ووزاراتٍ وإداراتٍ أكثر من مرة، ولم نلقَ إلّا تقاذفًا للمسؤوليات ووعودًا تُرجمت بمزيدٍ من الحوادث ومزيدٍ من الضحايا.”
وفي هذا الإطار، يشير مؤسس جمعية يازا زياد عقل إلى أننا نخسر بشكلٍ شبه متواصل طلّابًا من الجامعة اللبنانية في زحلة لأنه حتى تاريخ اليوم لم يتم بناء جسرٍ للمُشاة، في دولةٍ صرفت وهدرت مليارات الدولارات، ولم تقدر على بناء جسرٍ. ويشدّد عقل على أنّه ما من حجّةٍ تبرّر التقاعس عن حل المشكلة. بلدية زحلة، ونواب المنطقة، ووزارة الأشغال العامة والنقل، كما الجامعة اللبنانية لا في الفرع الرابع فقط، بل على مستوى الإدارة المركزية، كلّهم معنيون بالتحرّك. فالاستهتار من قِبل الجميع واضحٌ، ويجب القيام بتحرّكٍ مفتوحٍ إلى حين تنفيذ الجسر، فمعظم جسور المُشاة في لبنان بُنيَت بعد وفاة أشخاص نتيجة حوادث سير أليمة على الطرقات. وتوجّه الـ”يازا” نداءً لكل طلّاب الجامعة اللبنانية ولأهالي زحلة بوجوب الضّغط على المعنيّين لتشييد هذا المشروع.
تعقيبًا على ذلك، تذكّر المجالس الطالبية في كليات الجامعة في زحلة بأن الطلّاب لم يوفّروا أي وسيلةٍ للتحرك، من مطالباتٍ ومناشداتٍ واعتصامات وقطع طرقاتٍ وطرح المسألة في وسائل الاعلام وإطلاق حملاتٍ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا نتيجة.
ويسألون: هل كُتب علينا كطلابٍ في كليات الجامعة اللبنانية في زحلة أن نودّع كلّ عامٍ زملاءَ ورفاقًا وأصدقاءَ جلُّ ذنبِهم أنّهم آمنوا بهذا الوطن، على الرّغم من كلّ الصّعاب، وتمسّكوا بالأمل، فقصدوا كلياتهم حيث لاقاهم الموت على الجانب الآخر من الطريق؟
ناهيك عن الإهمال المزمن وسوء الأحوال في الصّفوف والكلّيات، هم يطالبون بأبسط الحقوق التي تهدف إلى الحفاظ على حياتهم لا أكثر. فهم يتسابقون مع الموت يوميًا في أوقات الدخول إلى الكليات والخروج منها، اذ يضطرّون إلى عبور الطريق السريع للوصول إليها في ظل غياب أدنى مقوّمات السّلامة أو حتى مجرّد لافتات مرور، ولا سيما في كليات الحقوق والآداب والصحة.
ورغم أنّ الطلّاب ملّوا المناشدات التي لا تلقى آذانًا صاغيةً، إلّا أن المُصابَ كبيرٌ والخطرَ قائمٌ ومستمرٌّ وتشييدَ جسرٍ للمشاةِ ضرورةٌ لا بديلَ عنها، لذا تنظمُ المجالس الطالبية في كلياتِ الفرع الرّابع وقفةَ حدادٍ واستنكارٍ يوم الإثنين في حرم كلية الآداب والعلوم الانسانية على أمل أن يتحمّل المعنيون مسؤولياتِهم وتكونَ وفاةُ إسراء خاتمةَ أحزانِ طلّابِ الجامعة اللبنانية – فرع زحلة.
آلاء ترشيشي