في حدث سنوي هو الابرز على مستوى التنوع البيولوجي نشر الاتحاد العالمي لصون الطبيعة ومنظمة بيردلايف انترناشونال التحديث السنوي للقائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، وهي لائحة تصنف وتدرس حالة حفظ الأنواع النباتية والحيوانية.
وتواجه العديد من الطيور حول العالم خطر الانقراض، لكن اقسى الأخبار واكثرها خطورة هذا العام تتعلق بطائر الكندور الأنديزي، وهو الطائر الوطني لتشيلي وكولومبيا والإكوادور وبوليفيا، والذي يواجه بحسب آخر تحديث لقاعدة بيانات القائمة الحمراء ضمن فئة الطيور، خطر الانقراض.
تم رفع مستوى التهديد الخاص بطائر الكندور الأنديزي الى نوع مهدد بخطر انقراض أدنى أو النوع غير المحصن أو النوع الحساس. وهو النوع الذي من المحتمل أن يصبح معرضا للخطر ما لم تتحسن الظروف التي تهدد وجوده وتكاثره.
ومع دخول هذا النسر الجميل الى دائرة الخطر تضاعفت المخاوف التي يواجها جميع انواع النسور حول العالم والتي بدأت في آسيا لتنتقل الى افريقيا ووصلت الآن الى القارة الأميركية الجنوبية.
ويكتسب طائر الكندور مكانة خاصة وقدسية حيث احتفت به الحضارات البشرية المتعاقبة في القارة الجنوبية ليس فقط بسبب حجمه الكبير ووزنه وباعتباره ثاني أكبر طائر في العالم، ولكن كذلك من خلال أسلوبه المدهش في التحليق عاليا، ولعلّ الاعتبار الثاني هو الأكثر أهمية في التأكيد على هيبة هذا الكائن وسحره لونا وهيئة وعلوّا.
يبلغ طول جناحي هذا الطائر أكثر من ثلاثة أمتار، ويحلق فوق جبال الأنديز على ارتفاعات تصل إلى 6500 متر، وهو أيضًا أحد أنواع الطيور الأطول عمراً ، ويصل عمره الطبيعي إلى 70 عامًا.
ويُعَدُّ الكندور بسواده الباهر ملهم الحضارات القديمة في جنوب القارة الأمريكية وشمالها فحضارة الأنكا عدّته من الطيور المقدسة. يسكن الكندور أعالي الأنديز بين الفجوات الصخرية للقمم الجبلية كراهب مكلّل بالوحدة والسواد وككائن فرداني منقطع عن عوالم الضجّة، ويكتفي عند التحليق بقذف نفسه في الفراغ المرتفع محدثا بانبساط جناحيه توازنا مثاليا في الطيران بينه وبين الرياح العاتية التي تهبّ بشكل دائم على السواحل الشرقية للمحيط الهادي.
شهد هذا النسر المهيب انخفاضًا سريعًا في اعداده في السنوات الأخيرة بسبب الصيد الجائر والتسمم بمواد كيميائية. ويتم إطلاق النار على الطائر عمدًا أو استهدافه باستخدام طُعم مسموم رداً على الهجمات النادرة للغاية التي يشنها على الماشية. كما أنه يتأثر بالاستخدام غير المشروع في المناسبات الشعبية والتجارة، ويمكن أن يموت من تناول الرصاص المتروك في الجيف.
يقول إيان ديفيدسون، المدير الإقليمي لمنظمة بيردلايف في الأمريكتين: ” تم العثور على هذا النسر في التاريخ الشعبي منذ 2500 سنة قبل الميلاد، واذا فقدناه الآن فسيشكل ذلك مأساة لثقافة أمريكا الجنوبية والنظم البيئية على حد سواء”.
في جميع أنحاء إفريقيا، يجري العمل لوقف التدهور الكارثي للنسور، لكن المعلومات الجديدة تكشف أن طيور السافانا الأفريقية الجارحة تشهد أيضًا معدلات انخفاض مثيرة للقلق.
صقر الجديان وهو نوع مدهش يشتهر بطريقته في الدوس على الفريسة مثل الفئران والثعابين لقتلهم، هو واحد من ثلاثة أنواع أعيد تصنيفها على أنها مهددة بالانقراض وتواجه هذا العام خطراً كبيراً، إلى جانب طائر العقاب المقاتل وهو عقاب ضخم جدا يوجد في المناطق المفتوحة وشبه المفتوحة من أفريقيا جنوب الصحراء، اضافة الى عقاب حكيم أو العقاب المصفق الذي يعيش بشكل واسع في أفريقيا إلى الجنوب من الصحاري.
فقدان الموائل وتدهورها والتسمم والصيد الجائر كلها عوامل محتملة في انخفاض اعداد هذه الطيور، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد الأسباب الجذرية والطريقة الأكثر فعالية لمعالجتها.
وضمت القائمة الحمراء لأنواع الطيور المهددة بالانقراض، 700 نوعا جديدا مكتشفا، وتقول اللائحة ان عشر هذه الانواع الجديدة المكتشفة تواجه خطر الانقراض. ما يعني عملياً ان 11 بالمئة من هذه الطيور المكتشفة حديثاً قد انضمت بسرعة الى القائمة الحمراء.
ومع انضمام 742 نوعاً جديداً من الطيور حول العالم الى القائمة الحمراء يكون العدد الاجمالي للطيور التي تضمها هذه اللائحة قد ارتفع الى 11121، وذلك بحسب المعطيات التي جمعتها منظمة بيردلايف إنترناشيونال، وهي الجهة التي يوكل اليها تحديث فئة الطيور ضمن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض.
وفي مقابل الاخبار الحزينة والمقلقة عن الطيور، حمل تحديث القائمة الحمراء لأنواع الطيور المهددة بالانقراض، اخباراً سارة لعدد من الطيور خصوصاً التي تعيش في مناطق تطبق فيها برامج حماية. ومن أبرز هذه الطيور الحدأة الحمراء وهو طائر جارح متوسط الحجم ينتمي إلى الطيور البازية. أدت الحماية القانونية في منطقة الاتحاد الأوروبي إلى اقرار خطة عمل وإجراءات حفظ تشمل تثقيف المجتمع. وقد أدى نجاح هذه التدابير إلى تعافي هذا الطائر من الانخفاضات السابقة، واستمراره في الزيادة والتوسع.
حسين رسلان
